وروى الواقدي الخبر عن بعضهم قال : كنّا عنده صلىاللهعليهوآله نكلّمه ونعتذر إليه ، إذ أخذه برحاء الوحي ، فلمّا سرّي عنه أخبرنا بعذرنا وما نزل في صاحبنا ، والذي نزل عليه قوله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ...). ثمّ قال لنا : فمن تحبّون أبعث إليكم؟ قلنا : تبعث علينا عبّاد بن بشر. وكان حاضرا ، فقال له : يا عبّاد سر معهم فخذ صدقات أموالهم ، وتوقّ كرائم أموالهم. وأمره أن يقيم عندنا عشرة أيّام.
قال : فخرجنا مع عبّاد يقرئنا القرآن ، ويعلّمنا شرائع الإسلام حتّى أنزلناه في وسط بيوتنا ، فلم يضيّع حقّا ولم يعد بنا الحقّ ، ثمّ انصرف إلى النبيّ راضيا (١).
* * *
وكان أنس بن مالك الخزرجي يخدمه صلىاللهعليهوآله ، فروى الواحدي بسنده عنه قال : قلت له يوما : يا نبيّ الله ، لو أتيت عبد الله بن ابيّ؟ فقبل وأنعم. وركب صلىاللهعليهوآله إليه حمارا ، وانطلق معه المسلمون يمشون (٢) وهم من الأوس رهط عبد الله بن رواحة ، فمضى صلىاللهعليهوآله حتّى وقف على عبد الله بن ابيّ ، فراث حمار رسول الله ، فقال له عبد الله : إليك عنّي! وأمسك أنفه. فقال له عبد الله بن رواحة الأوسي : لحمار رسول الله أطيب ريحا منك ومن أبيك! فغضب الخزرج قوم ابن ابيّ بن سلول ، ومدّوا أيديهم إلى ابن رواحة ، فأعانه قومه فتناوشوا بأيديهم ثمّ بنعالهم ثمّ بجريد سعفات النخيل ، ثمّ افترقوا ، ففيهم نزل قوله سبحانه : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٩٨٠ ، ٩٨١.
(٢) أسباب النزول : ٣٢٩ ، ٣٣٠ ، وفي الميزان ١٨ : ٣٢٠ ، عن الدرّ المنثور عن البخاري ومسلم وغيرهما.