اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)(١).
* * *
كان النبيّ صلىاللهعليهوآله إذا فرغ من صلاة الفجر يستقبل الناس ويجلس بينهم. فروى الطبرسي عن ابن عبّاس : أنّ ثابت بن قيس ثقيل السمع ولذلك كان يقعد عند النبيّ ليسمع ما يقول. فدخل المسجد يوما وقد فرغوا من صلاة الصبح وأخذوا أماكنهم ، فجعل يتخطّى رقاب الناس وهو يقول : تفسّحوا تفسّحوا ، حتّى انتهى إلى رجل فقال له : قد أصبت مجلسا فاجلس. فجلس خلفه ، فلمّا انجلت ظلمة الفجر قال له : من هذا؟ فذكر الرجل اسمه ، وكان ثابت يعرف امّه وأنّه كان يعيّر بها ، فقال : ابن فلانة؟! وذكر امّه ، فنكس الرجل رأسه حياء (٢).
وجاءت صفيّة بنت حييّ بن أخطب اليهودي زوج النبيّ إليه تبكي ، فقال لها : ما وراءك؟ فقالت : إنّ عائشة تعيّرني وتقول لي : يهوديّة بنت يهوديّين! فقال لها : هلّا قلت : أبي هارون ، وعمّي موسى ، وزوجي محمّد (٢).
وكانت مع حفصة فمرّت أمّ سلمة وكانت قصيرة فعيّرتها بالقصر وأشارت بيدها (٤)! وكانت أمّ سلمة قد ربطت حقويها بسبيبة (قماش أبيض كالحزام) وسدلت طرفيها خلفها فهي تجرّه ، فقالت لحفصة : انظري ما تجرّ خلفها كأنّه لسان كلب (٥)! فنزل قوله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ
__________________
(١) مجمع البيان ٩ : ١٩٩ ، عن سعيد بن جبير وغيره ، وفي التبيان ٩ : ٣٤٦ عن الطبري. والآيتان من الحجرات : ٩ و ١٠.
(٢) و (٣) مجمع البيان ٩ : ٢٠٢ ، وأسباب النزول للواحدي : ٣٣٠.
(٤) مجمع البيان ٩ : ٢٠٣ ، وانظر أسباب النزول للواحدي : ٣٣٠.
(٥) مجمع البيان ٩ : ٢٠٢ ، وأسباب النزول للواحدي : ٣٣٠.