يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(١).
وكان والداهما في سفرة مع النبيّ ومعهما سلمان ، فبعثاه إليه صلىاللهعليهوآله ليأتي لهما بطعام ، وكان خازنه على رحله اسامة بن زيد فبعث النبيّ سلمان إلى اسامة ، فقال له : ما عندي شيء ، فعاد سلمان إليهما صفر اليدين ، فقالا فيه : لو بعثناه إلى بئر سميحة لغار ماؤها! وقالا : بخل اسامة ، ثمّ انطلقا يتجسّسان عمّا أمر به لهما رسول الله عند اسامة ، فرآهما النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال لهما : ما لي أرى خضرة اللحم في أفواهكما؟! فقالا : يا رسول الله ، ما تناولنا لحما يومنا هذا! قال : ظللتم تأكلون لحم سلمان واسامة! ونزل قوله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)(٢).
ومرّ صلىاللهعليهوآله ذات يوم في سوق المدينة وإذا برجل قائم على غلام أسود ينادي عليه بالبيع لمن يزيد (بالمزاد) والغلام يشترط على من يشتريه أن لا يمنعه من الصلوات الخمس خلف رسول الله ، فاشتراه رجل على شرطه ، فكان صلىاللهعليهوآله يراه في الصلوات حتّى افتقده فسأل صاحبه عنه فقال : هو محموم (مصاب بالحمّى) فعاده صلىاللهعليهوآله مع جمع من أصحابه ، وبعد أيام سأل عنه صاحبه
__________________
(١) الحجرات : ١١.
(٢) مجمع البيان ٩ : ٢٠٣ ، وكنى فيه عنهما برجلين من أصحابه ، ورواه باسمهما في جوامع الجامع ، وعنه في الميزان ١٨ : ٣٣٣ ، ونقل مثله عن الدرّ المنثور عن المقدسي عن أنس بن مالك ولم يسمّ سلمان ، ونقل مثله عنه عن السدّي وسمّى سلمان ولم يسمّهما ، واستظهر العلّامة أنّ القصّة واحدة. والآية من الحجرات : ١٢.