قولي ، فقلنا : نغدو فنشتري بعيرين فنلحق بهم ولا يفوت ذلك ، نحن قوم مخفّون على صدر راحلتين ، فغدا نسير! فلم نزل ندفع ذلك ونؤخّر الأيام ... وكنت لا أرى الا منافقا معلنا أو معذورا ، فأرجع مغتمّا بما أنا فيه ...
ومنهم كعب بن مالك (الأنصاري) شاعر النبي وهذا لم يتخلّف ليشتري بعيرا ، بل قال : تجهّز رسول الله وتجهّز معه المسلمون ، وجعلت أعدو لأتجهز معهم ، فأرجع ولم أقض لنفسي حاجة ... فلم أزل كذلك حتى خرج رسول الله يوم الخميس ، ولم اقض من جهازي شيئا ، فقلت : أتجهز بعده بيوم أو يومين ثم ألحق بهم ، فغدوت لأتجهز فلم أفعل شيئا! ثم غدوت فلم أفعل شيئا! وقد اجتمعت لي راحلتان يومئذ فقلت : ارتحل فادركهم ، ولم أفعل! وكان يحزنني أني اذا خرجت وطفت في الناس لا أرى إلّا رجلا ممّن عذّره الله أو رجلا مغموصا (منقوصا عليه دينه) بالنفاق (١).
ومنهم أبو ذر الغفاري ، وكان يقول : كان بعيري نضوا (هزيلا) أعجف ، فقلت : اعلفه أياما ثم ألحق برسول الله صلى الله عليه [وآله] فعلفته أيّاما (ثلاثة ـ القمي) ثم خرجت ، فلما كنت بذي المروة (ثالث المنازل) عجز بي ، فتلوّمت (تمهّلت) عليه يوما فلم أر به حركة ، فأخذت متاعي فحملته على ظهري ، ثم خرجت أتّبع رسول الله ماشيا في حرّ شديد فلا أرى أحدا ، حتى اذا كان نصف النهار وقد بلغ بي العطش ، فنظر ناظر في الطريق فرآني فقال : يا رسول الله ، ان هذا
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٩٩٦ ـ ٩٩٨ باختصار وفي السيرة ٤ : ١٧٦ بدون ذكر يوم الخميس. واشير إليهم في تفسير العياشي ٢ : ١١٥ ح ١٥١ عن الصادق عليهالسلام وفي تفسير القمي ١ : ٢٩٦ بلا اسناد. وفي التبيان ٥ : ٢٩٦ و ٣١٦ عن مجاهد وقتادة عن ابن عباس وجابر ومجمع البيان ٥ : ١٠٤ و ١٢٠ عنهما.