الأنصاري : انه صلىاللهعليهوآله بعد ما عذر المنافقين وجميع المتخلّفين وكانوا نيّفا وثمانين ، نهى عن الكلام مع هؤلاء الثلاثة (١) وتقدم الى المسلمين بأن لا يكلّمهم أحد منهم. فهجرهم الناس حتى الصبيان.
وجاءت نساؤهم الى رسول الله فقلن له : يا رسول الله نعتزلهم؟ فقال : لا ، ولكن لا يقربوكن (٢).
__________________
(١) التبيان ٥ : ٢٩٦ وعنه في مجمع البيان ٥ : ١٠٤.
(٢) التبيان ٥ : ٣١٦ وعنه في مجمع البيان ٥ : ١٢٠ وفصّله ابن اسحاق في السيرة ٤ : ١٧٨ عن الزهري عن عبد الرحمن عن أبيه عبد الله عن أبيه كعب بن مالك ، قال : اجتنبنا الناس وتغيّروا لنا حتى تنكرت لي الأرض فما هي التي كنت أعرف! حتى مضت أربعون ليلة ، إذ أتاني رسول من قبل رسول الله (خزيمة بن ثابت ـ الواقدي) فقال : انّ رسول الله يأمرك أن تعتزل امرأتك! فقلت : اطلّقها؟ قال لا ولكن اعتزلها ولا تقربها ، فقلت لامرأتي : الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر ما هو قاض. هذا وأنا شاب.
وكان هلال بن أميّة شيخا كبيرا لا خادم له ، فمضت امرأته الى رسول الله فقالت : يا رسول الله ، إنّ هلال بن أميّة شيخ كبير لا خادم له أفتكره أن أخدمه؟ قال : لا ولكن لا يقربنك! قالت : يا رسول الله والله ما به حركة الي ، والله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان الى يومه هذا حتى تخوفت على بصره!
فلما أذن لامرأة هلال أن تخدمه قال لي بعض أهلي : لو استأذنت رسول الله لامرأتك أن تخدمك ، فقد أذن لامرأة هلال أن تخدمه. فقلت : لا استأذنه فانّي لا أدري ما يقول في ذلك وأنا شاب.
ونزلت يوما الى السوق ، فبينا أنا فيه إذا نبطيّ من أهل الشام كان قد قدم بطعام يبيعه بالمدينة ، يقول : من يدلّني على كعب بن مالك؟ فأشار إليه الناس فجاءني ، وإذا به يحمل إليّ رسالة في شقة من حرير من ملك بني غسّان ، فقرأتها فإذا فيها : «أما بعد فانّه قد بلغنا انّ صاحبك قد جفاك ، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة! فالحق بنا نواسيك» فقلت في نفسي :