فأقام هؤلاء الثلاثة على ذلك ، وأقام كعب لنفسه على جبل سلع كوخا من سعف النخيل وقال في ذلك شعرا :
أبعد دور بني القين الكرام وما |
|
شادوا عليّ ، بنيت البيت من سعف؟! (١) |
وخرجوا الى رءوس الجبال ، فكان أهاليهم يجيئون لهم بالطعام ويتركونه لهم ولا يكلّمونهم. فقال بعضهم لبعض : قد هجرنا الناس ولا يكلّمنا أحد ، فهلّا نتهاجر نحن أيضا؟! فتفرّقوا ولم يجتمعوا وثبتوا على ذلك نيفا وأربعين يوما (٢) أو خمسين ليلة ...
ثم نزلت الآيات بتوبتهم ليلا ، فأصبح المسلمون يبتدرونهم يبشّرونهم. قال كعب : وكان رسول الله إذا سرّ يستبشر كأن وجهه فلقة قمر ، فجئته واذا وجهه يبرق
__________________
ـ قد بلغ بي ما وقعت فيه أن طمع فيّ رجل من أهل الشرك! فهذا من البلاء أيضا. وذكره الواقدي في المغازي ٢ : ١٠٥١ وردّد اسم الملك بين جبلة بن الايهم وبين الحارث بن أبي شمر.
(١) التبيان ٥ : ٢٩٦ ، ٢٩٧ وعنه في مجمع البيان ٥ : ١٠٤ ، ١٠٥ وقالوا : نصب خيمة. والقين اسم جدّه كما في الاستيعاب : ١٣٢٣. وكما في مغازي الواقدي ٢ : ١٠٥٦ وروى البيت عن أيوب بن النعمان بن عبد الله بن كعب.
(٢) التبيان ٥ : ٣١٦ وعنه في مجمع البيان ٥ : ١٢٠ وفيه : ١٠٠ قال أبو حمزة الثمالي : بلغنا أنهم ثلاثة نفر من الأنصار : أبو لبابة بن عبد المنذر وثعلبة بن وديعة وأوس بن حذام تخلّفوا عن رسول الله صلىاللهعليهوآله عند مخرجه الى تبوك ، فلما بلغهم ما انزل الله فيمن تخلّف عن نبيّه أيقنوا بالهلاك وأوثقوا أنفسهم بسواري المسجد فلم يزالوا كذلك حتى قدم رسول الله (كذا) فلما نزل قوله (عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) عمد النبيّ إليهم فحلّهم. فهو يفترض نزول الآيات فيمن تخلّف قبل قدومه صلىاللهعليهوآله من تبوك ثم نزول قبول توبتهم بعد ذلك ، وانهم بقوا هذه المدة موثقين بسواري المسجد!