لمقتول ، فضاقت به الأرض وخاف على نفسه ولم يجد بدا من أن يستجيب لأخيه ويسلم ويكفّر عن هجوه النبيّ بمدحه بقصيدة ، فنظم قصيدته اللامية نحو ستين بيتا ، وحملها وخرج نحو المدينة.
ولم يستجر بأخيه بجير لأمر ما ، وانما كان يعرف رجلا من جهينة فنزل عليه ليلا وعرّفه أمره.
فلما أذّن بلال لصلاة الفجر خرج الجهني بكعب وصليا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ثم أشار إليه وقال : هذا رسول الله فقم إليه فاستأمنه.
فقام الى رسول الله حتى جلس إليه ، ورسول الله لا يعرفه ، فوضع يده في يده وقال : يا رسول الله ، ان كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبا مسلما ، فان أنا جئتك به فهل أنت قابل منه؟ قال : نعم. فقال : يا رسول الله فأنا كعب بن زهير. فوثب رجل من الأنصار وقال : يا رسول الله ، دعني وعدوّ الله اضرب عنقه! فقال صلىاللهعليهوآله : دعه عنك ، فانه قد جاء تائبا نازعا عما كان عليه (١) فأسلم (٢).
وقال ابن هشام : انما قال كعب قصيدته في المدينة بعد قدومه إليها (٣).
ويؤيّده ما رواه ابن اسحاق عن عاصم بن قتادة الأنصاري : أن كعبا في قصيدته لم يخص المهاجرين بمدحته ، بل عرّض بهم بقوله فيها عنهم «السود التنابيل» ـ أي السود القصار ـ (٤) فروى ابن هشام انه صلىاللهعليهوآله حين انشده كعب قصيدته قال له : لو لا ذكرت الأنصار بخير فانهم لذلك
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ١٤٦ ، ١٤٧.
(٢) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ١٥٧.
(٣) ابن هشام في السيرة ٤ : ١٥٧.
(٤) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ١٥٧.