فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا يسألون شرطا ، ولا كتابا أعطيته احدا من الناس الا اعطيتهم ، فبشّرهم. فخرج المغيرة ورجع إليهم يخبرهم بذلك ، فروّح الظهر معهم وعلّمهم كيف يحيّون رسول الله بتحية الاسلام : السلام.
فلما قدموا على رسول الله المسجد لم يفعلوا ما أمرهم المغيرة من تحية الاسلام بل قالوا : انعم صباحا! فقال الناس : يا رسول الله يدخلون المسجد وهم مشركون؟! فقال رسول الله : ان الأرض لا ينجّسها شيء!
وكان رسول الله قد خطّ بخطّه للمغيرة بن شعبة من البقيع لداره ، فقال : يا رسول الله ، انزل قومي عليّ واكرمهم ، فرجعوا الى منزل المغيرة للطهارة والطعام ويكونون فيه ما أرادوا ، ورسول الله يجري لهم الضيافة في دار المغيرة ، ويختلفون الى المسجد. وأمر النبي فضربت لهم ثلاث خيمات من جريد النخل في ناحية المسجد ، فكانوا ينظرون الى صفوفهم في صلاتهم ، وكان شهر رمضان (في العشر الأواخر) فكانوا يرون تهجّد الصحابة ويسمعون قراءتهم القرآن ، وخطبة النبي صلىاللهعليهوآله. فمكثوا على ذلك أياما ، يخلّفون كل يوم على رحالهم أصغرهم عثمان بن أبي العاص ويغدون على النبي ، فكانوا إذا رجعوا في هاجرة الظهر وناموا يخرج عثمان الى النبيّ فيسأله عن الدين ويستقرئه القرآن ، وأسلم ، وحفظ سورا من القرآن. وكان إذا يجد رسول الله نائما يذهب الى أبي بن كعب فيستقرئه القرآن ، وفقه الأحكام ، فأحبّه رسول الله واعجب به.
وتقاضى عبد ياليل من النبي الكتاب بالصلح بينه وبينهم ، فقال صلىاللهعليهوآله : إن أنتم أقررتم بالاسلام ، وإلّا فلا قضية ولا صلح بيني وبينكم! (١).
وكان من أعضاء الوفد من بني الحارث من بني مالك : نمير بن خرشة ، وسمّاه
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٩٦٦.