والآية إنمّا هي اعداد له صلىاللهعليهوآله فيما اذا تكرّر الاستعداد للخروج الى غزوة اخرى ، وتغيّر رأي هؤلاء المنافقين المتخلفين فجاؤوا يستأذنونه لا للقعود عنه بل للخروج معه ، فعليه أن يقول لهم : لانكم رضيتم بالقعود في المرّة السابقة لغزوة تبوك ، فكذلك كونوا في كل غزوة من القاعدين ولا تخرجوا ولا تقاتلوا. وعليه فالمعنى : فان أعاد الله لك حالتك هذه التي حصلت مع هؤلاء المنافقين المتخلّفين في هذه المرة لهذه الغزوة ، مرة اخرى لغزوة اخرى مع طائفة من هؤلاء فقل ... وليس بمعنى رجوعه من تبوك الى المدينة ، وإلّا فرجوعه الى المدينة وأهلها كلهم وليس الى طائفة منهم ، فما معنى هذا؟ وبدون أن نأخذ الرجوع بمعنى عودة الحالة وانما بمعنى العودة الى المدينة فما معنى يستأذنونه للخروج؟ للخروج لما ذا؟ بدون افتراض رجوع الحالة مرة اخرى.
* * *
مرّ عن الطباطبائي أن الروايات المنقولة لا تكاد تجتمع على كلمة فيما اختص علي عليهالسلام بتأديته من آيات البراءة عن عهود المشركين : فمنها ما يدل على ان الآيات كانت تسعا ، واخرى عشرا ، واخرى ست عشرة ... قال هذا فيما اختار هو الفصل الأول من آيات السورة لتفسيرها ست عشرة آية ، وقال في توجيه فصلها عمّا يليها : ان اتصالها بما بعدها ليس واضحا بل هو لا يخلو من تكلف (١).
وعلى أي حال ، فحيث ان بعث النبي للوصي عليهالسلام بآيات البراءة كان من آخر ما حدث من شئون السورة بعد سائر الحوادث ، في أيام موسم الحج ، فنحن نؤجل نقل ذلك الى هناك. وكثير من أخبار أسباب نزول كثير من آي السورة من حوادث الغزوة نقلناه ضمن تسلسل الحوادث ، وانما ننقل هنا ما تبقى منها من غير حوادث الغزوة ولعلها حدثت بعدها وقبل نزول السورة.
__________________
(١) الميزان ٩ : ١٩٩.