وقال المسعودي : كان المتولّون للنسيئة من العرب في الجاهلية من بني الحارث بن كنانة ... وكانوا ينسئون في كل ثلاث سنين شهرا يسقطونه من السنة ويسمّون الشهر الذي يليه باسمه ، ويجعلون اليوم الثامن والتاسع والعاشر من ذلك الشهر : يوم التروية ويوم عرفة ويوم النحر ، ثم يديرون ذلك في سائر الشهور.
فكان النحر في آخر حجّة حجّها المشركون في العاشر من ذي القعدة ... فكانت الأشهر في قوله تعالى : (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) : عشرين يوما من باقي ذي القعدة ، وذا الحجة ، والمحرم ، وصفر ، وعشرة أيام من شهر ربيع الأول (١).
ولم يوح الى رسول الله صلىاللهعليهوآله شيء في أمر علي عليهالسلام وما كان منه ، وأبطأ عنه خبره ، وكان عليهالسلام في رجوعه مقتصدا في سيره. فاغتمّ لذلك النبيّ صلىاللهعليهوآله غمّا شديدا حتى رئي ذلك في وجهه. وكفّ عن النساء من الهمّ والغمّ.
وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا صلى الصبح بقي مستقبل القبلة الى طلوع الشمس يذكر الله عزوجل ، وقد أمر عليا عليهالسلام أن يتقدم خلفه فيستقبل الناس بوجهه فيراجعونه في حوائجهم. حتى وجّه عليا عليهالسلام الى الحجّ ، فلم يجعل أحدا مكان علي عليهالسلام.
__________________
عباس وابن عمر. وروى الخبر الواقدي في المغازي ٢ : ١٠٧٨ والمسعودي في مروج الذهب ٢ : ٢٩٠ والتنبيه والاشراف : ١٨٦.
(١) التنبيه والاشراف : ١٨٦ و ١٨٧ ونقله الطوسي في التبيان ٥ : ٩٦ عن أبي علي الجبائي إلّا أنه قال : في العشرين من ذي القعدة. وعنه في مجمع البيان ٥ : ٦ وعن الحسن وقتادة ثم عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وعروة بن الزبير وأنس بن مالك وزيد بن نفيع والباقر عليهالسلام. وعليه فشهر ذي الحجة من تلك السنة يبقى سليما عما ينافي وفود نصارى نجران ومباهلتهم النبيّ صلىاللهعليهوآله.