فعن محيّصة قال : لما جئتهم جعلوا يقولون : بالنّطاة عامر وياسر واسير والحارث وسيّد اليهود مرحب. وان بها عشرة آلاف مقاتل ، فما نرى محمدا يقرب جانبهم. وجعلوا يتربّصون ، ولم يزالوا كذلك حتى جاءهم قتل أهل حصن ناعم وأهل النّجدة منهم ، ففتّ ذلك في أعضادهم ، فجمعوا حليّا كثيرا من حليّ نسائهم وقالوا لمحيّصة : اكتم عنّا ما قلنا لك ، ولك هذا الحلي! فأبى محيّصة. قال محيّصة : فلما رأيت خبثهم أردت أن أرحل راجعا فقالوا : نحن نرسل معك رجالا يأخذون لنا الصلح. قال محيّصة : فقدم معي رجل من رؤسائهم يقال له : نون بن يوشع في نفر من اليهود (١).
وروى الطبرسي في «اعلام الورى» عن أبان عن زرارة عن الباقر عليهالسلام قال : لما فرغ رسول الله من خيبر عقد لواء يريد أن يبعث به إلى حوائط فدك ، فقال : من يقوم فيأخذه بحقه؟ فقام إليه الزبير فقال : أنا. فقال له : أمط عنه! ثم قام سعد [بن أبي وقاص] فقال له : أمط عنه! ثم قال : يا علي قم إليه فخذه فأخذه ، فبعث به إلى فدك (٢).
قال الواقدي : فصالحوا رسول الله على أن يحقن دماءهم .. وأن لهم نصف الأرض بتربتها ، ولرسول الله نصفها. فقبل رسول الله ذلك ، وأقرّهم على ذلك (٣) ، ولم يبلغهم.
وأشار ابن اسحاق إلى أن محيّصة بن مسعود كان قد مشى بين رسول الله وبين اليهود في فدك .. فلما سمع أهل فدك بأن رسول الله قد حاصر أهل خيبر في
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٧٠٦.
(٢) اعلام الورى ١ : ٢٠٩.
(٣) مغازي الواقدي ٢ : ٧٠٧.