وبها أناخ غلام أبي بكر بعيره الذي عليه زاد أبي بكر فغلبته عيناه ، فقام البعير يجرّ خطامه به ، وقام الغلام فظنّ أن بعيره لزم الطريق فلزم الغلام الطريق وأخذ ينشده فلا يسمع له بذكر. ومشوا حتى أصبح النبي يوم الثلاثاء بالعرج فنزل صلىاللهعليهوآله بأبيات بها وجلس بفناء منزله ، فجاء أبو بكر فجلس الى جنبه ، فجاءت عائشة فجلست الى جانبه الآخر ، جاءت أسماء فجلست الى جنب أبي بكر ... حتى قبيل الزوال إذ جاء غلام أبي بكر متسربلا ، فسأله أبو بكر : أين بعيرك؟ قال : ضلّ منّي! فقام إليه أبو بكر يضربه ويقول : بعير واحد يضلّ منك! ورسول الله يبتسم ويقول : ألا ترون الى هذا المحرم وما يصنع؟
وكان زاد النبي صلىاللهعليهوآله مع بعير أبي بكر ، فانتشر الخبر بأنّ ناقة رسول الله قد ضلّت ، وبلغ الخبر الى بني أسلم فحملوا جفنة من حيس (تمر وسمن ودقيق) فاقبلوا بها حتى وضعوها بين يدي رسول الله ، فأكل رسول الله وأهله وأبو بكر وكل من كان مع رسول الله حتى شبعوا.
وكان صفوان بن المعطّل على ساقة الناس أي مؤخّرتهم ليرفع ما سقط ويهدي من ضلّ منهم ، فما لبثوا حتى طلع صفوان بن المعطّل بالبعير وأناخه على باب منزل رسول الله وقال لأبي بكر : انظر هل تفقد شيئا من متاعك؟ فنظر فقال : إلّا قعبا وكان القعب مع الغلام.
وجاء سعد بن عبادة ومعه ابنه قيس بناقة عليها زاد حتى وجدا رسول الله واقفا عند باب منزله وقد أتى الله بناقته التي عليها زاده. فقال سعد : يا رسول الله ، قد بلغنا أن زاملتك ضلّت ، فهذه زاملة مكانها. فقال رسول الله : قد جاء الله بزاملتنا فارجعا بزاملتكما ، بارك الله عليكما! أما يكفيك يا أبا ثابت ما تصنع بنا في ضيافتك منذ نزلنا المدينة؟ فقال سعد : يا رسول الله ، المنّة لله ولرسوله ، والله يا رسول الله للّذي تأخذ من أموالنا أحبّ إلينا من الذي تدع. فقال صلىاللهعليهوآله : صدقتم يا أبا ثابت أبشر فقد أفلحت!