فروى العياشي في تفسيره عن الباقر عليهالسلام : أنّ عليّا عليهالسلام لما غمّض رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «إنّا لله وإنّا إليه راجعون» يا لها من مصيبة خصّت الأقربين وعمّت المؤمنين ، لم يصابوا بمثلها قط ، ولا عاينوا مثلها (١).
فبينا هم كذلك إذ أتاهم آت من الله تعالى يسمعون كلامه ولا يرونه فقال : السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، إنّ في الله عزاء من كل مصيبة ، ونجاة من كلّ هلكة ، ودركا لما فات (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ)(٢).
إنّ الله اختاركم وفضّلكم وطهّركم ، وجعلكم أهل بيت نبيّه ، واستودعكم علمه ، وأورثكم كتابه ، وجعلكم تابوت علمه وعصا عزّه ، وضرب لكم مثلا من
__________________
ـ لا يموت ، ثم تلا قوله تعالى : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) فدهش عمر ، وكأنّه لم يعلم بنزول الآية. ابن اسحاق في السيرة ٤ : ٣٠٥ ، ٣٠٦ ، ثم روى عن أنس بن مالك : أنّ عمر قال بعدها : أيها الناس ، انّي كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت مما وجدتها في كتاب الله ، ولا كانت عهدا عهده إليّ رسول الله ، ولكنّي كنت أرى أنّ رسول الله سيدبّر أمرنا إلى الآخر. ابن اسحاق في السيرة ٤ : ٣١١ ، ثم روى عن عكرمة عن ابن عباس عن عمر قال له : إن كان الذي حملني على ذلك إلّا أني كنت أقرأ الآية : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) فكنت أظنّ أن رسول الله سيبقى في امته حتى يشهد عليها بآخر أعمالها ، فهو الذي حملني على ما قلت! ٤ : ٣١٢ ، وذكر مختصر الخبر اليعقوبي ٢ : ١١٤.
(١) تفسير العياشي ١ : ٢٠٩ ح ١٦٦.
(٢) آل عمران : ١٨٥.