فلما قدما على باذان أخبراه الخبر فقال : والله ما هذا بكلام ملك ، وإنّي لأرى الرجل نبيّا كما يقول ، فلننتظرنّ ما قال ، فلئن كان هذا حقا ما فيه كلام فانّه لنبيّ مرسل ، وإن لم يكن ، فسنرى فيه رأينا.
وقال بابويه لباذان : وما كلّمت رجلا قطّ أهيب عندي منه! فقال له باذان : هل كانت معه شرطة؟ قال : لا. فلم يقم باذان من مقامه حتى قدم عليه كتاب شيرويه.
أما بعد ، فإنّي قد قتلت كسرى ، ولم أقتله إلّا غضبا لفارس لما كان استحلّ من قتل أشرافهم ، وتجميرهم (١) في ثغورهم. فإذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممّن قبلك. وانظر الرجل الذي كان كسرى كتب فيه إليك ، فلا تهجه حتى يأتيك أمري فيه.
فلمّا قرأ الكتاب قال : إنّ هذا الرجل لرسول! فأسلم. وأسلم من كان معه باليمن من أبناء فارس. ولما رجع عبد الله بن حذافة وأخبر رسول الله أنّ كسرى قد شق الكتاب ، قال : مزّق ملكه!
قال الواقدي : وكان قتل شيرويه أباه كسرى لستّ ساعات (؟!) مضين من ليلة الثلاثاء لعشر ليال مضين (أو بقين) من جمادى الاولى من سنة سبع (٢).
__________________
(١) التجمير : الحبس في الثغور.
(٢) الطبري ٢ : ٦٥٤ ـ ٦٥٧ وانظر سائر المصادر في كتاب : مكاتيب الرسول ١ : ٩٠ ـ ٩٧.
ونقل مختصر الخبر الحلبي في المناقب ١ : ٧٩ ، ٨٠ عن مجالس المامطيري وأعلام النبوة للماوردي. والمجلسي في بحار الأنوار ٢٠ : ٣٨٩ ـ ٣٩١ عن المنتقى للكازروني عن ابن اسحاق كما في الطبري. وانظر بالفارسية بحثا ضافيا فيه في مجلة : وقف ميراث جاويدان ٤ : ٩١ ـ ١٠١.