وقدم غالب بن عبد الله من سرية ، فعقد النبي له اللواء وهيّأ معه مائتي رجل وقال له : سر حتى تنتهي إلى حيث اصيب أصحاب بشير ، فإن ظفّرك الله بهم فلا تبق منهم! وخرج غالب بالسرية. فلما دنا منهم بعث عليهم الطلائع ، فأوفى علبة بن زيد على جماعة منهم ورجع إلى غالب فأخبره. فأقبل غالب يسير ليلا حتى إذا كان منهم بمنظر العين ، وقد احتلبوا ابلهم وسقوها وأناخوها عند الماء وهدؤوا. ثم قام غالب في أصحابه فألف بين كل اثنين منهم وقال لهم : لا يفارق كل رجل زميله ، وإياكم أن يرجع إلي أحدكم فأقول : أين فلان صاحبك فيقول : لا أدري! ثم قال لهم : إذا كبّرت فكبّروا. فكبّر وكبّروا وأخرجوا السيوف وأحاطوا بحاضرتهم ، فخرج إليهم الرجال فقاتلوهم ساعة ، فقتل منهم من قتل ، واستولوا على النساء والماشية ، واقتسموها فكانت سهامهم لكل رجل عشرة ابعرة أو عدلها من الغنم ، وكان يحسب الجزور بعشرة من الغنم.
وافتقدوا اسامة بن زيد ، وكان قد خرج في إثر رجل منهم يقال له نهيك بن مرداس .. فلم يرجع إلّا بعد ساعة من الليل. قال الراوي : فلامه آمرنا لائمة شديدة وقال : ألم تر إلى ما عهدت إليك؟ فقال : إنّي خرجت في إثر رجل جعل يتهكّم بي ، حتى إذا دنوت ولحمته بالسيف قال : لا إله إلّا الله. فقال آمرنا : أغمدت سيفك؟ قال : لا والله ما فعلت حتى أوردته الموت! فقلنا له : والله بئسما جئت به! تقتل امرأ يقول لا إله إلّا الله! فندم (١).
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٧٢٣ ـ ٧٢٥. وفي : ٧٢٣ قال : كان ذلك في شعبان. وقال المسعودي : في شهر رمضان إلى الميفعة وراء بطن نخل إلى ناحية النقرة مما يلي نجدا على ثمانية برد من المدينة ، التنبيه والاشراف : ٢٢٧. وثمانية برد ـ ٦٨٠ كم تقريبا.