والقمي في تفسيره سمّى الرجل مرداس بن نهيك الفدكي اليهودي وقال : انّه لما أحسّ بخيل رسول الله صلىاللهعليهوآله جمع ماله وأهله وصار في ناحية الجبل ، فمرّ به اسامة بن زيد ، فجعل يقول : أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدا رسول الله ، وطعنه اسامة فقتله. فلما رجع إلى رسول الله أخبره بذلك ، فقال له رسول الله : قتلت رجلا شهد أن لا إله إلّا الله وأنّي رسول الله؟! فقال : يا رسول الله إنمّا قال تعوّذا من القتل! فقال رسول الله : فلا الغطاء عن قلبه شققت ، ولا ما قال بلسانه قبلت ، ولا ما كان في نفسه علمت! فحلف أنه بعد ذلك لا يقتل أحدا شهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدا رسول الله. وأنزل الله في ذلك : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ)(١) كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً.
__________________
(١) النساء : ٩٤ والخبر في تفسير القمي ١ : ١٤٨ ، ١٤٩ وفي آخره : فتخلّف اسامة عن أمير المؤمنين في حروبه. وروى الطوسي في التبيان ٣ : ٢٩٠ عن أبي الجارود عن الباقر عليهالسلام : أنّ الآية نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي أخي أبي جهل ، كان قد أسلم ، وكان أخوه أبو جهل يعذّبه ومعه الحارث بن يزيد العامري ، وكان في وثاق المشركين حتى يوم فتح مكة ، فلقى حارثا وقد أسلم وهو لا يعلم بإسلامه فقتله عياش. ونقله الطباطبائي في الميزان ونقل عن الدر المنثور عن عكرمة : أنّ عياشا هاجر فلقى الحارث في حرة المدينة وهو لا يعلم بإسلامه فقتله ، ثم أخبر النبيّ فنزلت الآية فقال له النبيّ : قم فحرّر. ثم قال : وهذا أوفق بالاعتبار وأنسب لتاريخ نزول سورة النساء. الميزان ٥ : ٤٢ وانما يراه أوفق وأنسب بالنسبة إلى الآيات السابقة : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ...) أما مع الآية الأخيرة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا ..) فلا وفق ولا تناسب.