أنّ الجرح والتعديل إذا أمكن الجمع بينهما لا يحتاج إلىٰ الترجيح .
وفي هذا بحث : من حيث إنّ النجاشي قد عُلم من طريقته عدم الاقتصار علىٰ توثيق من هو واقفي أو فطحي ونحوهما ، ليقال : إنّه ترك ذكر الوقف في سماعه لذلك ، بل الظاهر أنّه لم يثبت عنده ذلك ، وحينئذ يتعارض الجرح والتعديل ، والنجاشي يقدّم علىٰ الشيخ في هذه المقامات ، كما يعلم بالممارسة ، وقد رأيت ـ بعد ما ذكرته ـ كلاماً لمولانا أحمد الأردبيلي ـ قدّس الله روحه ـ يدلّ علىٰ ذلك ، واعتمد علىٰ نفي الوقف (١) ، ونحوه عن جماعة ، والحق أحقّ أن يتّبع .
إلّا أنّي وجدت الآن في الفقيه التصريح بأنّ سماعة واقفي في موضعين من كتاب الصوم (٢) ، فيترجّح قول الشيخ .
فإن قلت : كيف يخفىٰ علىٰ النجاشي قول الصدوق في الفقيه مع تكرّره فيه ، وهل هذا يوجب نوع ارتياب في عدم ذكر النجاشي الوقف في سماعه ( وغير الوقف في غير سماعة ؟ ) (٣) والحال أنّك وجّهت الاعتماد علىٰ قول النجاشي في جماعة من الرواة ، حيث لم يذكر فساد المذهب .
قلت : لا يبعد أن يكون النجاشي لم يرجّح الوقف في سماعة وإن ذكره الصدوق مكرّراً ، لوجود معارض لقول الصدوق يوجب ذلك (٤) .
فإن قلت : ما وجه ردّ الصدوق الروايات الواردة عن سماعة بأنّه واقفي ، والحال أنّ عمله ليس من جهة الصحة الاصطلاحية ، ليحتاج إلىٰ أن
__________________
(١) لم نعثر علىٰ نصّ يفي بذلك ، غير أنّه قال في مجمع الفائدة ( ٥ : ٩٣ ) : ولصحيحة أبي بصير وسماعة . لكنّه صرّح بكونه واقفياً في مواضع ، منها في ج ١ : ١٥٧ و ٣ : ٦٨ و ١١٥ .
(٢) الفقيه ٢ : ٧٥ ، ٨٨ .
(٣) ما بين القوسين ليس في « رض » و « د » .
(٤) في « رض » زيادة : والحكم بالترجيح مباحاً لاحتمالٍ ما ، وإن كان في البين كلام .