السيد المرتضىٰ ـ رضي الله عنه ـ منع وقوع التعبد به (١) ، وحكي عنه أنّه قال : لو وجب العمل به لعُلِم إمّا بالعقل أو بالنقل ، والقسمان باطلان ، أمّا الملازمة فلأنّه لو كان التكليف وقع به لكان للمكلف إليه طريق يعلم به ؛ لأنّ تكليف ما لا طريق إلىٰ العلم به قبيح عقلاً ، وأمّا انحصار الطريق في النقل والعقل فظاهر ؛ لانحصار الطريق فيهما ، وأمّا انتفاء اللازم فبما سيبطل به معتمد المخالف ، وإذا بطل دليل التكليف به بقي بلا دليل (٢) .
وفي الذريعة قال ـ قدسسره ـ بعد نقل الاستدلال بالإجماع علىٰ العمل بخبر الواحد : من استدلّ بهذا الدليل ادعوا الضرورة في عمل الصحابة ( بأخبار الآحاد ) (٣) ويدّعون أنّ العلم بذلك يجري مجرىٰ العلم بأنّهم كانوا يرجعون في الأحكام إلىٰ القرآن والسنّة المتواترة ، وكما يعلم رجوع العوام منهم إلىٰ فتوىٰ المفتي ، وربما قالوا : كما يعلم ضرورة سخاء حاتم .
ثم قال : والجواب عن هذا الذي حملوا نفوسهم عند ضيق الحيلة عليه ، أنّ الضرورة لا تختص مع المشاركة في طريقها ، والإماميّة وكل مخالف لهم في خبر الواحد من النظّام (٤) وتابعيه ، ومن جماعة من شيوخ متكلمي المعتزلة كالقاساني بالامس (٥) خالفوهم فيما ادّعوا فيه الضرورة مع
__________________
(١) حكاه عنه في معارج الاُصول : ١٤٢ ، وهو في الذريعة إلىٰ أصول الشريعة ٢ : ٥٢٨ .
(٢) حكاه عنه في معارج الاُصول : ١٤٢ .
(٣) في « فض » : بالأخبار .
(٤) هو أبو إسحاق ، إبراهيم بن سيّار بن هاني البصري ، المتوفىٰ في ٢٣١ هـ ، كان أحد فرسان أهل النظر والكلام علىٰ مذهب المعتزلة . المقالات والفرق : ١٤٣ ، تاريخ بغداد ٦ : ٩٧ / ٣١٣١ ، لسان الميزان ١ : ٦٧ / ١٧٣ ، أعلام الزركلي ١ : ٤٣ ، الكنىٰ والألقاب ٣ : ٢١١ .
(٥) في المصدر : بالأسر .