الاختلاط بأهل الأخبار ، ويُقسِمُون بأنّهم لا يعلمون ذلك ولا يظنّونه ، فإن كذّبتموهم فعلتم ما لا يحسن ، وكلّموكم بمثله ، والفرق بين الرجوع إلىٰ القرآن والمتواتر وبين خبر الواحد واضح ؛ لأنّ ذلك لمّا كان معلوماً ضرورة لم يخالف فيه عاقل ، والخلاف فيما ادّعوه ثابت ، وكذلك القول في سخاء حاتم ؛ لأنّ من خالف لا يناظر ، ويقطع (١) علىٰ بهته ومكابرته ، وليست هذه صفة من خالف في أخبار الآحاد (٢) . انتهىٰ المراد من كلامه ـ قدسسره ـ .
وقد يقال عليه : إنّ الضروري ليس محصوراً في الأوّل الذي لا يخفىٰ علىٰ أحد ، وحينئذ يجوز وجود القرائن والأدلّة عند بعض دون بعض .
نعم ما مثّلوا به من الضروريات محلّ كلام .
وقد نقل عنه الوالد ـ قدسسره ـ أنّه قال في جواب المسائل التبانيات : إنّ العلم الضروري حاصل لكل مخالف للإماميّة أو موافق لهم أنّهم لا يعملون في الشرائع بخبر لا يوجب العلم ، وأنّ ذلك قد صار شعاراً لهم يعرفون به ؛ كما أنّ نفي القياس في الشريعة من شعائرهم (٣) .
وهذه المبالغة من السيد مع دعوىٰ الشيخ الإجماع علىٰ العمل من أعجب الأشياء .
أقول : وقد يمكن الجمع بين كلام السيّد والشيخ بأنّ المنفي من السيّد العمل بالخبر مطلقاً ، والمدَّعىٰ عليه الإجماع من الشيخ يخرج عن ربقة الظنّ عند من يعلم الإجماع ، فيعود حاصل النزاع إلىٰ أنّ العمل بالخبر
__________________
(١) في المصدر : ويقع .
(٢) الذريعة إلىٰ اُصول الشريعة ٢ : ٥٣٩ ، ٥٤٠ .
(٣) معالم الاُصول : ١٩٤ .