قلت : التأييد مع عدم ثبوت ما ذكر محل كلام ، ولو نوقش فيه أمكن أن يقال : إنّ مفهوم آية : ( إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ ) يقتضي تحقّق عدم الفسق ، والإخبار بالعدالة من دون البحث عن الجرح لا يفيد عدم الفسق ، بل ظن العدالة ، وانتفاء الفسق بالأصل ، فلا يتحقق عدم الفسق (١) ، وحينئذ لا يتم العمل إلّا بالبحث .
فإن قلت : هذا يقتضي حصول يقين عدم الفسق ، وتحققه واضح الإشكال ، بل المعتبر الظنّ بانتفائه .
قلت : إذا تحقق الإجماع علىٰ الظنّ كفىٰ في المطلوب .
فإن قلت : ما ذكرته في الآية يقتضي العلم بالعدالة ، والحال أنّ اعتباره لا دليل عليه .
قلت : اقتضاء ما ذكرته لا وجه له ، بل غاية المراد حصول ظن العدالة ، بحيث يحصل ظنّ عدم الفسق .
فإن قلت : إذا كان مفهوم الآية عدم الفسق فلا بُدّ من العلم به ؛ لأنّ ظاهر : ( إِن جَاءَكُمْ ) من له صفة الفسق ، فلا بُدّ من حصول انتفاء صفة الفسق ، كما هو مفاد المفهوم ، وانتفاء صفة الفسق لا يتحقق إلّا بالعلم .
قلت : انتفاء صفة الفسق يتحقق بالظن ؛ لتعذر العلم ، فلا يكلّف به .
فإن قلت : مع إخبار الثقة بالعدالة تحقق عدم الفسق ظناً ؛ نظراً إلىٰ الأصل ، فأيّ حاجة إلىٰ اعتبار البحث عن الجرح ؟
قلت : وجه الاحتياج أنّ ظاهر الآية اعتبار انتفاء وصف الفسق علماً ، ولمّا تعذّر اعتبر ما يقرب منه ، وهو ظنّ الراجح الحاصل بالبحث عن الجرح .
__________________
(١) في « فض » زيادة : بل .