وما عساه يقال : إنّ مفاد الآية : إن جاءكم من تعلمون فسقه ، فالمفهوم منها عدم العلم بالفسق ، وهو يتحقق مع الإخبار بالعدالة من دون البحث .
فالجواب عنه : ما ذكره الوالد (١) ـ قدسسره ـ : من أنّ الظاهر من الآية اعتبار العلم بانتفاء وصف الفسق ، كما حقّقه في الأصول ، موجِّها له بأنّ العلم أمر خارج عن مدلول اللفظ ، كما في قولنا : أعط الفقير مثلاً ، فإنّ المستفاد منه إعطاء من له صفة الفقر ، أمّا العلم بها أو الظنّ فمن خارج ، والآية كذلك ، فتقدير من علم فسقه ـ ليكون المفهوم من لم يعلم ـ فرع دخول العلم في اللفظ .
ولو نوقش في هذا (٢) يمكن أن يقال : إنّ مرجع الاستدلال علىٰ الاكتفاء بخبر العدل هو اتّفاق المتأخّرين ، ومع عدم البحث عن الجرح لا اتّفاق ، فليتأمّل .
وإذا عرفت حقيقة الحال فاعلم أنّ من قبيل ما نحن فيه ما لو قال الثقة (٣) : روىٰ الشيخ ـ مثلاً ـ في الصحيح ، فإنّ اكتفينا في التوثيق بمجرد ( ذكر الثقة ) (٤) من دون التصريح باسم الرجل يلزم الحكم بالصحة حينئذٍ من دون الرجوع إلىٰ الاُصول ، وإن اعتبرنا التصريح لنبحث عن الجرح لزم عدم الاكتفاء بمجرد ما ذكر .
فإن قلت : الفرق ربما يوجّه بأنّ الصحة لا تستلزم التوثيق ، لجواز
__________________
(١) معالم الاصول : ٢٠١ .
(٢) في « فض » زيادة : وان امكن دفعه .
(٣) في « فض » : الفقيه .
(٤) في « فض » : ذكره .