يغتسل فينضح من الأرض في الإناء ، فقال : « لا بأس ، هذا ممّا قال الله : ( مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (١) » (٢) وغير ذلك من الروايات (٣) ، وحينئذٍ يحمل الخوف في الرواية علىٰ إرادة المرجوحيّة .
أمّا ما قاله الشيخ ـ رحمهالله ـ : من أنّ المراد بالغسل غير غسل الجنابة .
قد يتوجّه عليه : أنّ مقتضىٰ الخبر الأوّل أنّ الماء الذي يغتسل به من الجنابة لا يجوز أن يتوضأ به ، وأمّا عدم جواز الاغتسال به فلا يدل عليه إلّا من حيث قوله : « لا بأس أن يتوضّأ بالماء المستعمل » فإنّه يدل علىٰ عدم جواز غير الوضوء بمفهوم لا يصلح حجّة ، وحينئذ لا وجه لحمل الشيخ هذا الخبر علىٰ غير غسل الجنابة من الأغسال المسنونات .
علىٰ أنّ غير الجنابة أعم من المسنون .
وكأنّ الشيخ فهم من قوله : « وأشباهه » أشباه غسل الجنابة وهي الواجبة ، لكن قد علمت أنّ الحديث إنّما يتضمن المنع من الوضوء حسب ، والمفهوم لا يصلح لإثبات حكم .
ولعل الشيخ يحتجّ بهذا المفهوم ؛ لرجوعه إلىٰ مفهوم الوصف ، لكن لا أفهم وجهه .
ويحتمل أن يكون الشيخ ـ رحمهالله ـ فهم من هذا الحديث جواز استعمال الماء المستعمل ، من حيث إنّ النضح لا يمنع وصول الماء إلىٰ الوهدة ، فإذا اكتفىٰ بالنضح دل علىٰ الجواز ، والخبر الأول دل علىٰ المنع في غسل الجنابة ، فيختص هذا بغير غسل الجنابة ، ويضم إلىٰ ذلك عدم القائل
__________________
(١) الحج : ٧٨ .
(٢) التهذيب ١ : ٨٦ / ٢٢٥ ، الوسائل ١ : ٢١١ أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ١ .
(٣) الوسائل ١ : ٢١١ أبواب الماء المضاف ب ٩ .