بالنار إذا صار خبزاً ، إلّا بعد ثبوت نجاسة البئر بالملاقاة ، أو حصول التغيّر في أحد الأوصاف ، وبدون ذلك لا يدل .
فإن قيل : لا بُدّ من حمل الخبر علىٰ أنّ البئر ينجس ماؤها وإلّا لكان قول الإمام عليهالسلام : « إذا أصابته النار فلا بأس » لا فائدة فيه .
قلت : لعل الإمام عليهالسلام أراد أنّ النفرة تزول بالنار ، لأنّ النار مطهِّرة له ، وهذا المعنىٰ يستعمل في البئر ، كما ينبّه عليه مراجعة الأخبار ، فالاستدلال به علىٰ هذا الحكم ـ أعني طهارة العجين إذا صار خبزاً بالنار ـ لا يخلو من تأمّل ، وظاهر المصنف في هذا الكتاب القول بذلك ، كما يفهم من أول الكتاب في المشي علىٰ القاعدة ، وإن كان الشيخ مضطرباً في هذه الحال ، وفي التهذيب لم يقل ذلك ، نعم في باب المياه من النهاية قال بالطهارة إذا صار خبزاً (١) ، وفي باب الأطعمة منها قال بعدم جواز أكل ذلك الخبز (٢) ؛ فهو مضطرب الأقوال .
والخبر الثاني له ظهور في الدلالة علىٰ الطهارة ، فالعامل بمراسيل ابن أبي عمير كأنّه لما نظر إلىٰ المعارض الآتي ـ الذي فيه رواية ابن أبي عمير بإرسالٍ ربما يرجع إلىٰ المسند ـ رجّحه علىٰ هذا الخبر ، وإلّا فهو دليل لا ينكر ظهوره ، ومن ثم نقل الوالد ـ قدسسره ـ : أنّ جمهور الأصحاب نفوا حصول الطهارة (٣) ، مع أنّ الجمهور قائلون بقبول المراسيل من ابن أبي عمير (٤) .
والاستدلال بأصالة النجاسة بعد الرواية لا وجه له ، إلّا من حيث إنّ الخبرين المعتبرين لمّا تعارضا وكان مع أحدهما الأصل يرجّح عليه ،
__________________
(١) النهاية : ٨ .
(٢) النهاية : ٥٩٠ .
(٣) معالم الفقه : ٤٠٥ .
(٤) انظر العدة ١ : ١٥٤ والذكرىٰ ١ : ٤٩ .