أحدها : ـ وهو الذي فهمه جماعة منهم الوالد (١) قدسسره ، وشيخنا (٢) قدسسره ـ أنّ التعليل لعدم الإفساد .
وثانيها : أنّه راجع إلىٰ كون ماء البئر واسعاً ، وهذا يجامع التعليل بعدم الإفساد كما لا يخفىٰ .
وثالثها : أن يكون التعليل راجعاً لذهاب الريح وطيب الطعم ، كما يقال : لازم غريمك حتىٰ يعطيك حقك ، لأنّه يكره ملازمتك .
ورابعها : أن يعود إلىٰ الجميع .
وفي نظري القاصر أنّ العود إلىٰ الأخير خاصة وإن قرب ، إلّا أنّ العود إلىٰ الجميع أعم فائدة كما لا يخفىٰ ، غاية الأمر أنّ الاحتمال إذا انفتح بأنه للأخير خاصة لا يبقىٰ في الحديث صلاحيّة للاستدلال علىٰ أنّ الماء الجاري إذا كان أقل من كرّ لا ينجس بالملاقاة ، كما يقوله بعض (٣) .
والوالد ـ قدسسره ـ عمدة استدلاله علىٰ ردّ هذا القول بالتعليل (٤) ، كما ذكرناه في موضعه من حاشية الروضة .
أمّا ما قاله الشيخ رحمهالله ـ من أنّ المراد بالحديث لا يفسده إفساداً ، إلىٰ آخره ـ فمراده به أنّ المنفي إفساد خاص ، وهو الإفساد الذي لا ينتفع به إلّا بنزح الجميع ، أمّا الإفساد الذي يزول بنزح البعض فليس بمنفي ، فقوله : إلّا بعد نزح جميعه ، من متعلقات الإفساد المنفي ، وقوله : إلّا ما يغيّره ، استثناء من النفي .
__________________
(١) معالم الفقه : ٣٢ .
(٢) مدارك الاحكام ١ : ٥٥ .
(٣) مدارك الاحكام ١ : ٣٠ .
(٤) انظر معالم الفقه : ٣٢ و ١١١ .