النزح بدون التغيّر ؛ لأنّه عليهالسلام اكتفىٰ في تطهيره مع التغير بنزح ما يذهب الريح ويطيب الطعم ، ولو وجب نزح المقادير المعيّنة لم يكن ذلك كافياً ، إذا لم يحصل به استيفاء المقدر .
ففيه نظر ؛ لأنّ زوال التغيّر يجوز أن يكون كافياً بدون المقدر ، كما سبق بيانه ، علىٰ أنّه يجوز أيضاً أن تكون العلة في الاكتفاء بزوال التغيّر ظهور النجاسة في الماء ، فتأمّل .
قوله :
فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن الحسن بن صالح الثوري ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إذا كان الماء في الركي (١) كرّاً لم ينجّسه شيء » قلت : وكم الكرّ ؟ قال : « ثلاثة أشبار ونصف طولها ، في ثلاثة أشبار ونصف عمقها ، في ثلاثة أشبار ونصف عرضها » .
فيحتمل هذا الخبر وجهين : أحدهما : أن يراد بالركي المصنع الذي لا يكون له مادّة بالنبع ، دون الآبار التي لها مادّة ، فإنّ ذلك هو الذي يراعىٰ فيه الاعتبار بالكرّ علىٰ ما بيّناه .
والثاني : أن يكون قد ورد ذلك مورد التقية ؛ لأنّ من الفقهاء من سوّىٰ بين الآبار والغُدران في قلّتها وكثرتها ، فيجوز أن يكون الخبر ورد موافقاً لهم ، والذي يبيّن ذلك أنّ الحسن بن صالح راوي هذا الحديث زيديّ بُتْريّ متروك الحديث فيما يختص به .
__________________
(١) الركيّة : بالفتح وتشديد الياء : البئر ، والجمع ركايا كعطية وعطايا ـ مجمع البحرين ١ : ١٩٥ ( ركا ) .