ينظر في المتعارضين فيعمل علىٰ أعدل الرواة في الطريقين .
ولا يخفىٰ أنّ هذا الكلام يعطي كون خبر الواحد حجة وإن لم يكن (١) عليه الإجماع ؛ إذ (٢) الإجماع المدّعىٰ سابقاً من الشيخ إذا لم يكن له معارض ، وحينئذ يحتاج إثبات العمل بهذا النوع من الأخبار إلىٰ الدليل المقرّر في الاُصول ، وإثباته بها مشكل ، وقد حررناه في حاشية التهذيب .
ونقلنا عن العلّامة في النهاية الاحتجاج له : بأنّ في ترك العمل ضرراً مظنوناً ، ودفع الضرر المظنون واجب ، فيجب العمل بالخبر .
وفي هذا الدليل كلام ذكرته هناك ، ونزيد هنا أنّ المحقق في المعتبر قال في جملة ما قدمناه عنه : وما أعرض عنه الأصحاب ، أو شذّ يجب إطراحه ؛ لوجوه :
أولها : أنّ مع خلوّه من المزية يكون جواز صدقه مساوياً لجواز كذبه ، فلا يثبت الشرع بما يحتمل الكذب .
الثاني : إمّا أن يفيد الظنّ أو لا يفيد ، وعلىٰ التقديرين لا يعمل به ، أمّا بتقدير عدم الإفادة فمتفق عليه ، وأمّا بتقدير إفادة الظنّ فمن وجوه ثلاثة :
أحدها : قوله تعالىٰ : ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) (٣) .
الثاني : قوله تعالىٰ : ( وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ) (٤) .
الثالث : قوله تعالىٰ : ( وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) (٥) .
__________________
(١) في « رض » : لم يمكن .
(٢) في « فض » و « د » : إنّ .
(٣) سورة الإسراء : ٣٦ .
(٤) سورة النجم : ٢٨ .
(٥) سورة البقرة : ١٦٩ .