انتقل إليه الملك علىٰ هذه الحالة ، وكان ينحرف عند جلوسه (١) .
وهذا الجواب قد يتعجب منه ، لأنّه اختار المشهور من التحريم ، واستدل عليه بالروايتين والتقريب السابق ، ونقل عن سلّار القول بالانحراف في البناء ، والجواب يعطي الانحراف عند الجلوس ، وكأنّ المراد الانحراف عن القبلة غير الانحراف الذي يقول به سلّار .
ومن هنا يعلم ما قد يتوجه علىٰ الشيخ أيضاً ، فإنّه تقدم العلّامة ، واقتفىٰ أثره في الجواب ، لكن الشيخ أطلق جواز الجلوس في الدار المستقبلة من دون الانحراف ، ولعلّ مراد الشيخ أنّه لا يلزم من البناء جواز الجلوس ، والعبارة قاصرة إذ لم ينقل عن الشيخ هذا القول ، وليس العذر كون الاستبصار لا يعتمد الشيخ فيه علىٰ الفتوىٰ ، لأنّ العلّامة يحكم بمذهب الشيخ في الاستبصار ، بل وغيره حتىٰ الوالد ـ قدسسره ـ ، ولا يخلو من تأمّل علىٰ الإطلاق ، نعم قد يوجد نادراً .
وحكىٰ الوالد ـ قدسسره ـ كلام المختلف في جوابه ثم قال : ولهذا الكلام وجه لو كانت حجة المشهور ناهضة بإثباته (٢) .
وقد يقال : إنّ حجة المشهور وإن لم تنهض بالتحريم ، إلّا أنّ الكراهة لا خلاف فيها إلّا من عبارة المفيد ، حيث قال : لا يضره ذلك (٣) . ولا يبعد أن يكون مراده عدم التحريم ، وحينئذٍ لا بُدّ من حمل الحديث علىٰ الانحراف وجوباً أو استحباباً ، إلّا أن يدّعىٰ عدم الإجماع علىٰ الكراهة .
وأمّا ابن الجنيد احتمل الوالد ـ قدسسره ـ أن يكون مستنده الأصل ،
__________________
(١) المختلف ١ : ١٠٠ .
(٢) معالم الفقه : ٤٢٨ .
(٣) المقنعة : ٤١ .