والاستحباب للأخبار اعتماداً علىٰ التساهل في أدلة السنن ، ولما ذكره العلّامة من الاعتبارين (١) ، هذا .
ويبقىٰ في المسألة من الأحاديث رواية علي بن إبراهيم رفعه إلىٰ أبي الحسن موسىٰ عليهالسلام حين سأله أبو حنيفة ـ وهو غلام ـ : يا غلام أين يضع الغريب ببلدكم ؟ فقال في جملة جوابه : « لا يستقبل القبلة بغائط ولا بول » (٢) ، وحال الحديث غير خفي .
وفي خبر آخر معدود من الحسن ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام أنّه سمعه يقول : « من بال حذاء القبلة ثم ذكر فانحرف عنها إجلالاً للقبلة وتعظيماً لها لم يقم من مقعده ذلك حتىٰ يغفر له » (٣) .
وهذا الحديث لا يدل علىٰ التحريم كما هو ظاهر ، غير أنّه يؤيّد الانحراف في البناء إذا استقبل ، كما قاله العلّامة ، وإن كان ظنّه التحريم ، ويتحقق حينئذٍ عدم تمامية إطلاق الوالد ـ قدسسره ـ فليتأمّل .
بقي شيء وهو أنّ بعض المحققين قال : إنّ الواجب نفس التشريق والتغريب وأنّه لا يجوز استقبال ما بين المشرق والمغرب والقبلة تمسكاً بظاهر الأمر في الخبر الأوّل ، وأيّده بقوله عليهالسلام : « ما بين المشرق والمغرب قبلة » (٤) ، وأنّ قبلة البعيد هي الجهة وفيها اتساع (٥) .
وفيه : أنّ الرواية قاصرة السند ، وحديث « ما بين المشرق والمغرب
__________________
(١) معالم الفقه : ٤٢٨ .
(٢) الكافي ٣ : ١٦ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠ / ٧٩ ، الوسائل ١ : ٣٠١ أبواب أحكام الخلوة ب ٢ ح ١ .
(٣) التهذيب ١ : ٣٥٢ / ١٠٤٣ ، الوسائل ١ : ٣٠٣ أبواب احكام الخلوة ب ٢ ح ٧ .
(٤) الفقيه ١ : ١٨٠ / ٨٥٥ ، الوسائل ٤ : ٣١٤ أبواب القبلة ب ١٠ ح ٢ .
(٥) حكاه في المدارك ١ : ١٦٠ أيضاً عن بعض المحققين ولم نعثر علىٰ قائله .