قلت : وما ذكرته أيضاً لا يخلو من وجه ، وإنّي متعجّب من ذلك ؛ غير أنّه يخطر في البال احتمال توجيه الجمع بين ما ذُكِرَ وبين الاستثناء ، بأنّ العمل بالقرائن يقتضي تخفيفها إذا كان الرواة معتَمَداً عليهم ، وعدم تخفيفها إذا لم يكن كذلك ، وحينئذ إذا استثني من روايات محمد بن أحمد ابن يحيىٰ ما يرويه عن الجماعة ، فإذا وردت الرواية عن محمد بن أحمد ابن يحيىٰ عن أحدهم يحتاج إلىٰ تحصيل قرائن زائدة ، ولو روىٰ عن غير الجماعة يفتقر إلىٰ أقلّ ممّا احتيج إليه لو روىٰ عن الجماعة ، فليتأمّل .
فإن قلت : كيف يوافق ما عليه المتقدّمون تصريح الصدوق في الفقيه في باب صلاة الغدير بعد ذكر رواية : أنّ راويها لم يوثّقه شيخه محمد بن الحسن بن الوليد ، وما لم يصحّحه لا يحكم بصحته (١) .
قلت : لا يبعد التوفيق بأنّ عدم توثيق شيخه للراوي يقتضي وجود قرينة الردّ للرواية ، فمن ثَمّ لم يعمل بها ، لا أنّ الأمر منحصر في تصحيح شيخه .
فإن قلت : الذي يظهر من الكشي في ترجمة الحسن بن علي بن أبي حمزة عدم الرواية عن الضعيف وإن لم يعمل بالرواية ، لأنّه نقل عن محمد ابن مسعود أنّه سأل علي بن الحسن بن فضال ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، فقال : كذّاب ملعون ، رويت عنه أحاديث كثيرة ، وكتبت عنه تفسير القرآن من أوّله إلىٰ آخره ، إلّا أنّي لا أستحلّ أن أروي عنه حديثاً واحداً (٢) .
وكذلك نقل العلّامة في الخلاصة عن ابن الغضائري ، عن علي بن الحسن بن فضال أنّه قال : إنّي لأَستحيي من الله أن أروي عن الحسن بن
__________________
(١) الفقيه ٢ : ٥٥ .
(٢) رجال الكشي ٢ : ٨٢٧ / ١٠٤٢ .