لا أن المراد أخذها زكاة ثم أخذ القيمة ، إذ ذاك كأنه من اللغو والعبث ، وقول علي عليهالسلام (١) : « لا تباع الصدقة حتى تعقل » أي تؤخذ وتدرك وتقبض ، محمول على ذلك أو نحوه مما لا ينافي المطلوب ، ولعل الداعي إلى هذا التعرف والتقويم في الأنعام دون الغلات والنقدين عدم معروفية القيمة فيها بخلافهما ، ومن هنا احتاج إلى هذا التعرف فيها بخلافهما.
وبالجملة لا يكاد يخفى على من تصفح النصوص في الباب ـ حتى ما ورد من المقاصة بها عن الدين ودفع الكفن منها ونحو ذلك ، وقد رزقه الله معرفة لسانهم ولحن خطابهم ـ ظهور اجتزاء الشارع بالقيمة لو دفعها المالك ، وأنه لا يكلف دفع العين ، بل قد يظهر من خبر قرب الاسناد (٢) ومعقد إجماع الخلاف والغنية عدم تعيين القيمة بالدراهم والدنانير ، بل يجزي دفعها من أي جنس يكون كما هو ظاهر المتن أو صريحه ، بل نسبه بعضهم إلى الأصحاب ، قال تصريحا من بعض وتلويحا من آخر ، بل في البيان لو أخرج في الزكاة منفعة بدلا من العين كسكنى الدار فالأقرب الصحة ، وتسليمها بتسليم العين ، ويحتمل المنع لأنها تحصل تدريجا ، ولو آجر الفقير نفسه أو عقاره ثم احتسب مال الإجارة جاز وإن كان معرضا للفسخ ، لكن في المدارك « أن جواز احتساب مال الإجارة جيد ، وكونه معرضا للفسخ لا يصلح مانعا ، أما جواز احتساب المنفعة فمشكل بل يمكن تطرق الإشكال إلى إخراج القيمة ما عدا النقدين » قلت : لا ريب في انصراف القيمة إليهما ، بل ربما يؤيده خبر سعيد بن عمرو (٣) عن أبي عبد الله عليهالسلام « قلت : يشتري الرجل من الزكاة الثياب والسويق والدقيق والبطيخ والعنب فيقسمه
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب زكاة الأنعام ـ الحديث ٤.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب المستحقين الزكاة ـ الحديث ٣.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب زكاة الذهب والفضة ـ الحديث ٣.