مقام من تقديم العرف على اللغة ، اللهم إلا أن يدعى تيقن ثبوته في ذلك الزمان ، وهو كما ترى ، وأغرب من ذلك ما عن فخر الإسلام من منع النقل عرفا ، قال : « وأما في التمر فقد نقل عن أهل اللغة أن البسر تمر ، والنقل على خلاف الأصل ، قالوا : متعارف عند العرف ما قلناه ، قلنا : المجاز خير من الاشتراك والنقل ، قالوا : راجح في الاستعمال قلنا : الحقيقة أولى وإن كانت مرجوحة » وهو كما ترى وإن أيد بأن الطبيب إذا منع منه حكم أهل العرف باندراج الرطب والبسر فيه ، كالحلف على عدم أكله ، وفيه أنه للقرائن ، وإلا كان ممنوعا ، ولئن أغضي عن ذلك كله فهو مطلق لا ينصرف إلى هذا الفرد منه ، خصوصا البسر ، ودعوى شيوعهما أيضا فيه واضحة الفساد ، وتعلق الزكاة بالسخال ليس للفظ الإبل والبقر والغنم ، بل لخصوص النصوص فيها ، مع إمكان الفرق بين المقامين.
فلم يبق للمشهور حينئذ سوى النصوص التي لا فرق فيها بين الحقيقة والمجاز ، كصحيح سلمان (١) عن أبي عبد الله عليهالسلام « ليس في النخل صدقة حتى يبلغ خمسة أوساق ، والعنب مثل ذلك حتى يكون خمسة أوساق زبيبا » وأرسل ذلك في التهذيب إرسالا (٢) فيمكن أن يكون غير الصحيح المزبور ، بل قيل : إنه الظاهر ، فيكون حينئذ روايتين ، وصحيح سعد بن سعد (٣) « سألت أبا الحسن عليهالسلام عن أقل ما تجب فيه الزكاة من البر والشعير والتمر والزبيب فقال : خمسة أوساق بوسق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقلت : كم الوسق؟ قال : ستون صاعا ، قلت : فهل على العنب زكاة أو إنما تجب عليه إذا صيره زبيبا؟ قال : نعم إذا خرصه أخرج زكاته »
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب زكاة الغلات ـ الحديث ٧ عن سليمان.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب زكاة الغلات ـ الحديث ١١.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب زكاة الغلات ـ الحديث ١.