أجاد الفقيه التأمل في المسألة ازداد القول بخروج المؤن قوة كما هو واضح لمن حصل له.
ثم إنه هل يعتبر النصاب بعد المئونة فلا زكاة حينئذ إذا لم يحصل ، أم قبلها فيزكي الباقي من بعدها وإن قل ، أم يعتبر ما سبق على الوجوب كالسقي والحرث قبل النصاب فان لم يبلغ الباقي نصابا فلا زكاة ، وما تأخر كالحصاد والجذاذ ونحوهما بعده ، فيزكي الباقي وإن قل؟ أقوال أشهرها بل المشهور الأول ، للرضوي (١) بناء على حجيته وإجماع الغنية بل وغيره في خصوص حصة السلطان ، ولعل مستند الثاني إطلاق ما دل على وجوبها ببلوغ النصاب الذي لا ينافيه وجوب المئونة وإن كانت متقدمة في الإخراج واتفاق استغراقها النصاب غير قادح بعد ما دل على ترتبهما فيه ، فينتفي حينئذ موضوع متعلق الزكاة ، وفيه أن العمل بإطلاق ما دل على وجوب الزكاة ببلوغ النصاب يقتضي عدم إخراج المئونة ، ضرورة أنه لا دليل حينئذ على إخراجها منها ، إذ عليه يكون الحاصل من نحو قوله عليهالسلام (٢) : « فيما سقت السماء العشر » أن العشر ثابت في ذلك مع بلوغ النصاب ولو بضميمة ما يقابل لمئونة ، ومن هنا فصل ثالث بما سمعت مراعاة لقواعد الشركة على معنى العمل بالإطلاق المزبور بعد إخراج المؤن السابقة ، فيكون مقتضى الزكاة حينئذ متحققا ، والمئونة المتأخرة موزعة على المالك والفقراء كما هو مقتضى قاعدة الشركة ، فيؤخذ العشر من الباقي وإن قل ، لتحقق الزكاة فيه قبل حدوث المئونة ، وفيه أنه لا فرق فيما سمعته سابقا من الأدلة المعتد بها على إخراج المئونة بين السابقة واللاحقة ، وأن تأخرها في الوجود لا ينافي اعتبار كون النصاب بعدها كالمئونة السابقة ، وقاعدة الشركة فرع ثبوتها ، والكلام فيه ، ومن ذلك يعلم أنه لا وجه للاستدلال من بعضهم على إخراج المئونة بقاعدة الشركة ، خصوصا
__________________
(١) المستدرك ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب زكاة الغلات ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب زكاة الغلات.