على الإنسان كان عدلا وإن ندرت منه المعصية ، قلت : يمكن أن يقال : إن المراد بالأكثر في الفتاوى ما يتحقق به صدق كون الزرع مما يسقى بالسيح مثلا ، ضرورة عدم قدح النادر في ذلك عرفا ، فيكون المراد حينئذ بالتساوي ما لا يتحقق معه ذلك ولا خلافه ، بل يصدق كونه يسقى بهما كما هو ظاهر السؤال أولا في الخبر المزبور ، ومنه يتجه الحكم في المقامين لاندراج الأول في أدلة العشر ، وللجمع بين مقتضى السببين في الثاني الذي علله بعض الأصحاب بأن دوام كل من الأمرين في جميع السنة يوجب مقتضاه ، فإذا وجد في نصفه أوجب في نصفه ، فيجب عليه ثلاثة أرباع العشر ، وكأنه أشبه شيء بالجمع بالتنصيف في المال الذي عليه يد كل من الشخصين ، إذ بالإجماع في المقام كان كل منهما نصف السبب ، فيؤثر مقتضاه على هذه النسبة ، ولذا كان الفرض ثلاثة أرباع العشر ، لأنهما نصف العشر ونصف نصفه ، كما هو واضح.
ومنه انقدح لبعض العامة الأخذ في الأغلب بالقسط كما يؤخذ مع التساوي ، فإن شرب بالسيح ثلث السقي مثلا كان في ثلثه العشر ، أو ربع السقي فالربع وهكذا ، وهو متجه لو لم نقل بكون المراد بالأكثر ما عرفت ، كما أنه لولا ذلك لصعب إقامة الدليل عليه من النصوص ، ضرورة كون الخبر المزبور ظاهرا في الكثرة التي ذكرنا ، ولذلك وصفه الراوي أولا بأنه يسقى بالدوالي ، فيبقى غير الكثير محتاجا إلى الدليل ، وليس ، بل ظاهر تلك الأدلة السابقة عدم خلو الزرع عن الوصفين جمعا أو انفرادا ، ودعوى أنه مع ( وإن خ ل ) صدق أحد الأمرين إلا أن حكمه باعتبار الأكثرية ذلك ، فيكون كالتخصيص لتلك الأدلة واضحة الفساد لا دليل عليها ، ولا ضرورة تلجىء إليها ولا ينافي ذلك سؤال الإمام عليهالسلام عن زمان السقية والسقيتين ، لإمكان كونه لزيادة الاستظهار ولأنه يمكن كونهما على وجه يصدق عليه مما يسقى سيحا إذا كان سقيه بالدوالي مدة قليلة ، والعمدة فيه سقية السيح أو سقيتاه ، لشدة رطوبة الأرض أو غير ذلك ، فتأمل جيدا.