ومنه ينقدح لك أنه لا وجه للبحث بين الأصحاب في أن الاعتبار بالأكثر عدداً كما هو صريح البعض وظاهر الأكثر على ما قيل ، لأن المئونة إنما تكثر بسبب ذلك ، ولعلها هي الحكمة في اختلاف الواجب ، ويمكن أن ترجع إليه الرواية بتقييد إطلاقها بما هو الغالب في الزمان الأكثر من احتياجه إلى عدد أكثر ، بل ربما قيل : إنه الظاهر من الرواية ، أو زمانا كما مال إليه في المسالك مدعيا أنه الظاهر من الخبر باعتبار أنه عليهالسلام رتب جوابه على أغلبية الزمان من غير استفصال عن عدد السقيات في تلك المدة ، أو نموا ونفعا كما هو خيرة الفاضل وأول الشهيدين وابن فهد والكركي والصيمري على ما قيل ، وذلك لأنه لما سأله الراوي عما يحصل من مجموع القسمين أجابه عليهالسلام بثلاثة أرباع من دون استفصال عن كيفية الحصول والتكون أهو بالنسبة إليهما على السواء في القدر أو الزمان أم لا ، فعلمنا أنه عليهالسلام فهم من كلام الراوي أن الحصول والنمو من القسمين على نمط واحد من الاعتداد به والاعتبار له ، فسأله الراوي عما إذا كان السقي بالدلاء هو الأكثر والأغلب زمانا لمكان قول الراوي : « يسقى » الدال على الاستمرار والتجدد ، وقد ذكر في الطرف الآخر المقابل له السقية والسقيتين ، والامام عليهالسلام لم يجبه بادى بدء بأن في ذلك نصف العشر ، بل أخر الجواب حتى سأل واستفصل ، فلو كانت الأغلبية الزمانية والعددية كافية لكان الواجب عليه الجواب بأن فيه نصف العشر من دون استفصال وسؤال ، ولما سأل واستفصل ظهر له أن السقي بالسيح ليس على نحو معتد به ، وأنه نادر بالنسبة إلى الدلاء فأجاب بنصف العشر ، وعلمنا أنه عليهالسلام ما ترك الجواب قبل الاستفصال مع وضوح السؤال في الأغلبية الزمانية والعددية إلا مخافة أن يتوهم السائل جواز الاكتفاء بأغلبية الزمان أو العدد ، فظهر أن المدار على الحصول والتعيش والنمو المعتد به.