وقال أيضا فيها : « إن المراد بالمعاوضة ما يقوم طرفاها بالمال كالبيع والصلح ، ويعبر عنها بالمعاوضة المحضة ، وقد يطلق على ما هو أعم من ذلك ، وهو ما اشتمل على طرفين مطلقا ، فيدخل فيه المهر وعوض الخلع ومال الصلح عن الدم ، وفي صدق التجارة على هذا القسم مع قصدها نظر ، وقطع في التذكرة بعدمه » قلت : قد نظر فيه في البيان أيضا ، قال : « وهل يعتبر في المعاوضة أن تكون محضة فيخرج الصداق والمختلع به والصلح عن الدم العمد؟ نظر ، من أنه اكتساب بعوض ، ومن عدم عد مثلها عوضا عرفا » قلت : قد عرفت الاكتفاء بالنية والاعداد في الأثناء فضلا عن الابتداء ، ومقتضى ذلك كونه مال تجارة.
ومنه ينقدح عدم اعتبار وجود رأس المال فيها ، ضرورة عدمه في الفرض ، ومن ادعى الإجماع على ذلك أو دلالة النصوص عليه أمكن منعه عليه ، أما الأول فواضح ، إذ لم نجد هذا التعريف لمال التجارة قبل المصنف ، وأما الثاني فقد سمعت أنه لا دلالة في النصوص على الاشتراط على وجه تسقط الزكاة إذا لم يكن له رأس مال ، أو كان وقد نسي أو لم يعلم ونحو ذلك ، وإنما هي في خصوص بيان ذي رأس المال ، لا أن الزكاة منحصرة فيه ، فيبقى ما عداه حينئذ على مقتضى إطلاق ما دل على زكاة مال التجارة ، بل لعل التأمل يقضي بأولوية الزكاة في متاع التجارة الذي لم يغرم المالك فيه رأس مال ، بل حصل له بحيازة أو إرث أو هبة أو نحو ذلك ، فتأمل جيدا فان المقام محتاج اليه باعتبار ظهور المفروغية من اعتبار هذه القيود من كلام جماعة من المتأخرين ومتأخريهم ، مع ظهور النصوص وجملة من كلمات القدماء في خلافه ، ومما يؤيد ما ذكرنا مضافا إلى ما عرفت ما تسمعه من حكمهم من غير خلاف يعرف فيه بينهم بأن من جملة مال التجارة زيادته القيمية ونتائجه المنفصلة ، مع أنه ليس مالا قد ملك بعقد معاوضة ،