المدرعة والمنديل على الفعل ، وهو شاذ ، وقياسه تسكن وتدرع وتندل مثل تشجع وتحلم وكان يونس يقول ، إلى آخره ، وفي الحديث (١) « ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان ، وإنما المسكين الذي لا يسأل ولا يفطن له فيعطى » إلى غير ذلك من كلماتهم وأقربها إلى ما حققناه ـ من أن الفقير ضد الغني ـ المحتاج ، قال الله تعالى (٢) ( أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ ) أي المحتاجون اليه ، فأما المسكين فالذي قد أذله الفقر أو غيره ، فإذا كان هذا إنما مسكنته من جهة الفقر حلت له الصدقة ، وإذا كان مسكينا قد أذله شيء سوى الفقر فالصدقة لا تحل له ، إذ كان شائعا في اللغة أن يقال : ضرب فلان المسكين وظلم المسكين وهو من أهل الثروة واليسار ، وإنما لحقه اسم المسكين من جهة الذلة.
وممن أشكل عليه الحال في المقام سيد المدارك وبعض من تأخر عنه حتى أنه حكى عن جده ما حكيناه سابقا ، واعترض عليه بوجوه ، منها أن المتجه بعد ثبوت التغاير عدم دخول أحدهما في إطلاق الآخر إلا بقرينة ، وما ذكره من عدم الخلاف لا يكفي في إثبات هذا الحكم ، وقد عرفت وجهه بلا إشكال ، ومنها ما ذكره من الفائدة بأن المتجه عدم دخول كل منهما في الآخر وإن كان أسوأ حالا من المنذور له ، لأن اللفظ لا يتناوله كما هو المفروض ، وفيه أن المراد إذا علم كون النذر مثلا له من حيث الحاجة فإن الدخول حينئذ للأولوية ، نعم قد يناقش بأنه إن كان المذكور في النذر لفظ أحدهما دخل فيه الآخر على كل حال ، لما عرفت من نفيه الخلاف عن ذلك ، وإن ذكرا معا فلا حاجة للاندراج ، وإن كان متعلق النذر أسوأهما حالا فهو خروج عما نحن فيه ، ضرورة كون المراد بيان فائدة الخلاف في لفظ الفقير والمسكين لو كان هو المتعلق ولو جعل الفائدة في النذر والوصية والوقف إذا كان كل منها لهما معا مع تفضيل أحدهما
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ١١ مع الاختلاف في اللفظ.
(٢) سورة الفاطر ـ الآية ١٦.