لكن في البيان « وما ورد في الحديث من الإغناء بالصدقة محمول على غير المتكسب » ورده في المدارك بأن هذا الحمل ممكن إلا أنه يتوقف على وجود المعارض ، ولم نقف على نص يقتضيه ، نعم ربما أشعر به مفهوم قوله عليهالسلام في صحيح معاوية بن وهب (١) : « ويأخذ البقية من الزكاة » لكنها غير صريحة في المنع من الزائد ، ومع ذلك فمورد الرواية من كان معه مال يتجر به وعجز عن استنماء الكفاية لا ذو الكسب القاصر ، قلت : هذا الإشعار مؤيد بما يظهر من رواية هارون بن حمزة (٢) وموثق سماعة (٣) وغيرهما من النصوص الظاهرة في الرخصة في أخذ البقية خاصة من الزكاة ، والظاهر حجة شرعية كالصريح ، بل يؤيده ما دل (٤) على أن الله فرض للفقراء في مال الأغنياء ما يسعهم ، ولو علم أن ذلك لا يسعهم لزادهم ، حيث علل عدم استحقاقهم الزائد باكتفائهم بالناقص ، وما دل (٥) على أن للفقير الذي عنده قوت شهر أن يأخذ قوت سنة ، لأنها من سنة إلى سنة ، الظاهر في أن منتهى الرخصة ذلك ، والمناقشة في هذه باقتضائها عدم الفرق بين المكتسب القاصر كسبه وغير المكتسب يدفعها أن التحقيق ذلك إن لم يكن إجماعا ولم أتحققه ، وإن كان ستسمعه من العلامة ، بل ربما ادعاه بعض أهل الظاهر من أهل العصر تمسكا ببعض العبارات ، لكن وصول الدال منها على المطلوب إلى حد الإجماع واضح المنع ، ضرورة كون جملة منها كنصوص الإغناء التي لا دلالة فيها على المطلوب عند التأمل ، ضرورة صدقه على كفاية السنة ، ودعوى كون المراد منه الأعم من ذلك يمكن منعها ، بل هي عند التدبر دالة على خلاف المطلوب ، ومن هنا قال الفاضل الأصبهاني إنه لا دلالة فيها ، لأن الإغناء يحصل بالتتمة ، وما زاد
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب المستحقين للزكاة ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب المستحقين للزكاة ـ الحديث ٤.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب المستحقين للزكاة ـ الحديث ٢.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٤١ ـ من أبواب المستحقين للزكاة ـ الحديث ٢.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب المستحقين للزكاة ـ الحديث ٧.