لأبي عبد الله عليهالسلام : « أرأيت قول الله تعالى (١) ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ ) ـ إلى آخره ـ لكل هؤلاء يعطى وإن كان لا يعرف ، فقال : إن الامام يعطي هؤلاء جميعا ، لأنهم يقرون له بالطاعة ، قال زرارة : قلت : فان كانوا لا يعرفون فقال : يا زرارة لو كان يعطي من يعرف دون من لا يعرف لم يوجد لها موضع ، وإنما يعطي من لا يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه ، فأما اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك إلا من يعرف ، فمن وجدت من هؤلاء المسلمين عارفا فأعطه دون الناس ، ثم قال : سهم المؤلفة وسهم الرقاب عام ، والباقي خاص ». فان الظاهر أن مراده بالعموم ما ذكرنا ، بل قد يستفاد منه عموم التأليف لضعف الايمان بالمعنى الأخص ، كما أنه يستفاد من بعض النصوص السابقة كمرسل الدعائم وبعض الفتاوى أن المراد بمؤلفة الكتاب من كان له ميل إلى الإسلام أو إلى الجهاد مع المسلمين ، فإنه يعطى لتحصيل كمال الألفة والدخول في الإسلام ، بل لعل ذلك هو ظاهر الآية باعتبار الوصف وكونهم كالعاملين بالنسبة إلى ذلك ، وأما الإعطاء للكفار الذين لم يظهر منهم ميل لاحتمال حصول الألفة فلا يخلو من إشكال ، فتأمل.
وعلى كل حال فما عن الشافعي ـ من أن مؤلفة الإسلام أربعة أقسام : قوم لهم نظراء فإذا أعطوا رغب نظائرهم ، وقوم في نياتهم ضعف فيعطون لتقوى نياتهم ، وقوم بأطراف بلاد الإسلام أولوا قوة وطاقة بمن يليهم من الكفار إذا أعطوا منعوا الكفار من الدخول والهجوم على المسلمين ، وإن لم يعطوا لم يفعلوا واحتاج الإمام إلى تجهيز الجيوش لمقاتلتهم ، وقوم جاوروا قوما يجب عليهم الزكاة إذا أعطوا منها جبوها للإمام ولم يحوجوه إلى عامل ، وإن لم يعطوا لم يفعلوا ، واستحسنه بعض أصحابنا ، بل تبعه عليه آخر ـ لا يخلو من إشكال إن أراد الإعطاء من سهم المؤلفة ، ضرورة عدم كون
__________________
(١) سورة التوبة ـ الآية ٦٠.