في استحقاقهم في الجملة هذا السهم من الزكاة كما اعترف به في المعتبر على ما قيل ، بل الكتاب والسنة والإجماع بقسميه دالة على ذلك ، نعم صرح غير واحد باعتبار كونه غير متمكن من القضاء ، بل في محكي الخلاف والغنية وظاهر التذكرة الإجماع منا على اعتبار الفقر فيه ، بل عن المبسوط الإجماع من أهل العلم كافة على ذلك ، وهو المراد مما في المعتبر أن الغارم لا يعطى مع الغنى ، لكن في المدارك الظاهر أن المراد من الغنى انتفاء الحاجة إلى القضاء لا الغنى الذي هو ملك قوت السنة ، إذ لا وجه لمنع مالك قوت السنة من أخذ ما يوفي به الدين إذا كان غير متمكن من قضائه ، وقد أخذ ذلك مما في المسالك حيث صرح بالفرق بين الفقير والغارم ، فمنع من إعطاء مالك قوت السنة من سهم الفقراء وإن كان دينه أضعاف ما عنده ، لأنه حينئذ غارم غير فقير ، وفي شرح اللمعة للاصبهاني يمكن أن لا يكون المراد بالفقير هنا ما عرفته في الفقراء والمساكين من عدم مئونة السنة فعلا أو قوة ، بل عدم التمكن من قضاء الدين بدليل أن جماعة منهم الشارح عبروا بذلك ونحوه مما يفيد مفاده ، قلت : الأصل في ذلك ما دل على أن الزكاة إنما شرعت لسد الخلة ودفع الحاجة ، وأنها لا تحل لغني ، وأن الله شرك بين الأغنياء والفقراء إلى غير ذلك مما دل على كونها للفقراء ، وقد صرح غير واحد باعتبار الفقر فيهم ، بل قد عرفت أنه معقد الإجماعات المزبورة ، فيمكن أن ينقدح من ذلك اعتبار القدرة على قضاء الدين مع مئونة السنة في الغني ، فمن عجز عنهما أو أحدهما فهو فقير ، ومن ملك ما يقابلهما معا كان غنيا كما صرح به الأستاذ في كشفه في تعريف الفقر والغنى ضرورة أن الحاجة إلى وفاء الدين أشد من الحاجة إلى غيرها من المؤن ، مضافا إلى صدق الفقير على من ملك قوت سنته وكان عليه أضعافها دينا ، وخصوصا إذا كان قد اشتراها به ، ولذا يعطى في الخمس وغيره مما يشترط فيه الفقر ، ودعوى أن مثله غني كما ترى ، فحينئذ اشتراط الفقر ممن عرفت في محله ، إذ متى كان عاجزا عن وفاء الدين