حينئذ عدم جواز دفعها إلى هؤلاء ، لكون مثله إعانة وإن كانت هي حيثية أخرى غير ما نحن فيه ، ضرورة خروجها عن محل النزاع ، لأن الكلام في أصل الجواز من حيث نفسه لا إذا اقترن بجهة أخرى ، كما هو واضح ، أما الدفع اليه لقوته أو قوت عياله فلا بأس ، ولعله إلى ذلك أشار عليهالسلام بقوله : « يعطى الفاجر بقدر » إلى آخره أي ما يحتاجه لقوته وقوت عياله ولباسهم ، ولا يطلق له الأمر كما يطلق إلى غيره ، ولكن مع ذلك كله فالاحتياط الذي هو ساحل بحر الهلكة لا ينبغي تركه ، خصوصا في مثل المقام الذي قد اشتغلت فيه الذمة بيقين ، فإنه قد يشك في إرادة بعض الأفراد من الإطلاقات والعمومات ولا ريب أن الأول هو الأحول والله هو العالم بحقيقة الحال.
هذا كله في الصنف الأول من أصناف الزكاة ، وهو الفقير ، أما غيره من الأصناف فلا ريب في عدم اعتبارها في المؤلفة منه كما عرفته سابقا ، وإن كان قد يقضيه إطلاق بعضهم إلا أنه لا ريب في ضعفه ، وأما العاملون أي السعاة ففي الإرشاد والدروس والمهذب البارع والروضة وغيرها الإجماع على اعتبارها فيهم ، وهو الحجة بعد اعتضاده بالتتبع ، وبما في العمالة من تضمن الاستيمان ، وقد سمعت ما في الصحيح (١) من أنه « لا يوكل بها إلا ناصحا شفيقا أمينا » ولا أمانة لغير العدل ، وأما ابن السبيل والغارم فقد يومي اقتصارهم على اعتبار عدم كون السفر والغرم في معصية ممن اعتبرها هنا إلى عدم اعتبارها فيهما ، وإن اقتضاه إطلاق بعضهم كبعض الأدلة ، لكن الأقوى الأول وكذا الرقاب ، وأما سهم سبيل الله فقد قدمنا ما يعلم منه عدم اعتبار الايمان والكفر فيه فضلا عن غيرهما ، كما أنه تقدم لك ما يعلم منه عدم اعتبار المروة في العدالة هنا وإن اقتضاه إطلاق بعضهم ، لكن لا يخفى عليك أن كثيرا من أدلتهم السابقة إنما يقتضي
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب زكاة الأنعام ـ الحديث ١.