قدر على الخروج ، لأن النار قد ترعبه وتدهشه وتشنج أعضاءه بالملاقاة ، فلا يظفر بوجه التخلص ».
ومن هنا قال في كشف اللثام : « إنها تعطي القطع بعدم القصاص مطلقا والتردد في سقوط الدية ، ثم استقربه إذا علم الإهمال تخاذلا ـ ثم قال ـ : ومبني الوجهين على تعارض ظاهرين وأصلين ، فان الظاهر من حال الإنسان أن لا يتخاذل عن الخروج حتى يحترق وظاهر النار المفروضة سهولة الخروج عنها ، وأنه لا يحترق بها إلا من تعمد اللبث فيها ، والأصل براءة الذمة ، والأصل عدم الشركة في الجناية ، والاحتياط يقوى ما في الكتاب ».
قلت : قد يقال : إن مبنى المسألة على تحقق صدق قتله ، فان حصل اتجه القصاص حينئذ مع فرض كونه الشيء مما يقتل مثله غالبا وإلا فمع قصد القتل به أو إذا لم يقصد عدم القتل به وإن لم يحصل فالمتجه سقوطها معا.
ودعوى أن مجرد الإلقاء سبب للضمان واضحة المنع ، ضرورة عدم دليل على كونه كذلك ، فليس هنا إلا صدق قتله ، والاحتياط في الدماء لو سلم عدم اقتضائه للقصاص ولو للشبهة بناء على أنه كالحد في ذلك لكنه لا يقتضي ضمان الدية مع عدم العلم بالترك تخاذلا ، فالتحقيق مراعاة الصدق المذكور على الوجه المزبور ولو بملاحظة الظاهر الذي لا ينافيه بعض الاحتمالات ، هذا كله مع عدم العلم.
( أما لو علم أنه ترك الخروج تخاذلا ) بالقرائن أو بإقراره ( فلا قود ) قطعا ( لأنه ) هو الذي ( أعان على نفسه ) بلبثه الذي هو كون غير كون الإلقاء ، فيستند القتل إليه لا إلى الجاني.
( و ) منه ( يقدح أن لا دية له أيضا ، لأنه مستقل بإتلاف