العمد في النصوص المتقدمة على شبيه العمد ، لمقابلته بالخطإ المحض.
لكن لا يخفى عليك أن الاحتياط لا يجب مراعاته بعد ظهور الأدلة ، وربما كان معارضا لحق الغير ، والتعليل المزبور لا حاصل له ، وأن الجمع المزبور مناف لما تضمنه بعضها من التصريح بالقود في العمد ، وأنه ليس بأولى من حمل هذه النصوص على صورة عدم القصد إلى القتل ، كما هو الغالب في الضرب بما لا يقتل إلا نادرا وإن كان في بعضها « يريد قتله » بل هذا أولى من وجوه لا تخفى عليك بعد الإحاطة بما ذكرناه ، وبعد ضعف جملة منها ولا جابر ، ومعتبر السند منها غير مقاوم لتلك من وجوه أيضا.
وقد بان لك من ذلك كله أن العمد يتحقق به كسابقه.
( وهل يتحقق ) أيضا ( مع القصد إلى الفعل الذي يحصل به الموت وإن لم يكن قاتلا في الغالب إذا لم يقصد به القتل ) أو قصد العدم ( كما لو ضربه بحصاة أو عود خفيف؟ فيه روايتان ) (١) ( أشهرهما ) عملا كما في النافع والمسالك ( أنه ليس بعمد يوجب القود ) بل لا أجد فيه خلافا بين المتأخرين ، بل عن الغنية الإجماع عليه ، للنصوص السابقة (٢) المنجبرة والمعتضدة هنا بما سمعت مضافا إلى ظهورها في ما نحن فيه ولو من الغلبة التي ذكرناها ، فترجح حينئذ بذلك كله على إطلاق النصوص الأولة المقابلة لها أو عمومها ، فتقيد أو تخصص بها.
خلافا للمحكي عن المبسوط من أنه عمد أيضا كالسابق ، إما مطلقا كما حكاه عنه بعض ، لا طلاق النصوص السابقة المعارض لإطلاق الأخرى المرجح عليه هنا بالاعتضاد بالشهرة والإجماع المحكي ، وإما في الأشياء المحددة خاصة ، كما هو مقتضى عبارته المحكية عن مبسوطة في كشف اللثام
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب القصاص في النفس.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب القصاص في النفس.