كأنه فعل الشيء ولم يفعله ، وفيه نزلت المعوذتان (١) بل لعله قوله تعالى (٢) : ( فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ) دال عليه ، بل تأثيره أمر وجداني شائع بين الخلق قديما وحديثا.
والتحقيق كما ذكرناه في محله أنه أقسام : فمنه تخييلى ومنه مؤثر حقيقة ، ولا ينافي ذلك الإقرار بالمعجزات التي يجب على الله تعالى بيان حالها عند الدعوى الكاذبة ، على أن التخييلي منه أيضا مؤثر ولو تأثيرا تخييليا ، وهو شيء وجداني وإن كان ما يراه هو ليس كما يراه في الواقع.
ولكن مع ذلك قال المصنف ( ولعل ما ذكره الشيخ قريب ، غير أن البناء على الاحتمال أقرب ).
وعلى كل حال ( فلو سحرة فمات لم يوجب قصاصا ولا دية على ما ذكره الشيخ ، وكذا لو أقر أنه قتله بسحره ) لأن المفروض عدم الحقيقة له ، فهو كما لو قال : قتلته بنظري أو نحو ذلك مما يعلم عدم أثر له.
( وعلى ما قلناه من الاحتمال يلزمه الإقرار ) لعموم دليله ، بل في المسالك « لا طريق إلى معرفته بالبينة ، لأن الشاهد لا يعرف قصده ولا شاهد تأثير السحر ، وإنما يثبت بإقرار الساحر ، فإذا قال : قتله سحري فمن قال لا تأثير له لم يوجب بالإقرار عليه شيئا ، والأقوى الثبوت على القولين ، عملا بإقراره وإلغاء للمنافي على القول به ، ثم من قال مع ذلك : إن سحرة مما يقتل غالبا فقد أقر بالعمد ، وإن قال : نادرا استفسر ، فان أضاف إليه قصده قتله فهو عمد أيضا ، وإلا فهو شبيه العمد ، وإن قال : أخطأت من اسم غيره إلى اسمه فهو إقرار بالخطإ ، فيلزمه حكم ما أقر به ، ولكن في صورة الخطأ لا يلزم إقراره العاقلة ،
__________________
(١) البحار ـ ج ٦٣ ص ٢٥.
(٢) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ١٠٢.