وحينئذ فلا إشكال في جواز الاستيفاء من دون إذن ( لكن يضمن ) حينئذ ( حصص من لم يأذن ) بلا خلاف ولا إشكال ، بل الإجماعات المزبورة كلها عليه ، نعم قد يقال بظهورها في اعتبار الضمان قبل القتل ، إلا أن الأقوى كونه ضمانا شرعيا على معنى كون الاستيفاء المزبور من أسباب الضمان على المستوفي فلا وجه لاعتبار سبقه. هذا كله على المختار.
أما على الأول فيحتمل كونه كذلك وإن أثم ، بل هو الأقوى ، ضرورة عدم اندراجه في موضوع القصاص بعد أن كان من المستحقين له ، لكن مع ذلك احتمله الفاضل وتبعه غيره ، لأنه استوفى أكثر من حقه ، فهو عاد في الزائد على حقه فيترتب عليه القصاص ، بل قد يقال ـ بعد عدم جواز الاستيفاء له ـ إنه يكون كقتل الأجنبي له الذي لا ريب في ترتب القصاص عليه.
وحينئذ يتجه وجوب دية الأب المقتول أولا في تركة الجاني بناء على وجوبها كذلك بفوات محل القصاص ، لأنه لم يقع قتل الجاني قصاصا ، فيكون كما لو قتله أجنبي ، فإن اقتص وارث الجاني من الابن القاتل أخذ وارث المقتص منه والابن الآخر الدية من تركة الجاني وكانت بينهما نصفين ، وإن عفا على الدية فللأخ الذي لم يقتل نصف الدية في تركة الجاني ، وللأخ القاتل النصف أيضا ولكن عليه دية الجاني بتمامها ، ويقع الكلام في التقاص فقد يصير النصف بالنصف قصاصا ويأخذ وارث الجاني النصف الآخر ، وقد يختلف المقدر بأن يكون المقتول رجلا والجاني امرأة ، فيحكم في كل منهما بما يقتضيه الحال.
والأمر في ذلك سهل بعد سقوط ذلك من أصله على المختار ، ضرورة عدم القصاص عليه بعد أن كان مستوفيا لحقه ، وعدم صدق القتل ظلما عليه