( أما ) لو كانت المسألة بالضد من الفرض الأول كما ( لو قطع يده فمات وادعى الجاني الاندمال ) حتى لا يغرم إلا دية اليد ( وادعى الولي السراية ) حتى يستحق دية النفس ( فالقول قول الجاني إن مضت مدة يمكن ) فيها ( الاندمال ) وفي اليمين البحث السابق ، ولكن هل يحلف أنه لم يمت بغير السراية؟ وجهان من الاحتمال ومن انحصار دعوى الجاني في الاندمال ، وعلى كل حال فيقدم قوله ، لأن الأصل البراءة ، ولا يعارضه أصل عدم الاندمال الذي لا يقضي بالسراية.
ومنه يعلم صحة ما ذكرناه سابقا من ترجيح قول الولي في السابقة ولو مع قصر الزمان ، ضرورة أن ظهور كذبه بدعوى الاندمال لقصر المدة لا يقتضي تحقيق السراية المسقطة التي مقتضى الأصل عدمها ، مضافا إلى أصل ثبوت الديتين ، ودعوى معارضة الأول بأصل البراءة وعدم حدوث سبب آخر من لدغ حية ونحوه والثاني بأنه مراعى فلا يستصحب يدفعها انقطاع أصل البراءة بثبوت مقتضى الديتين ، وأصالة عدم حدوث سبب آخر لا يقتضي الموت بالسراية ، إذ لعله مات حتف أنفه ، وما عرفته سابقا من كون السراية مسقطة لا كاشفة ، فلا مراعاة حينئذ.
هذا ولكن في المسالك في المقام « قد تعارض أصلا عدم الاندمال وبراءة ذمة الجاني عما زاد عن النصف ، فيقدم قول الجاني بشهادة الظاهر مع الأصل » وفيه أنه لا ظهور بإمكان المدة بالبرء ، وعلى تقديره لا دليل على صحة الظهور المزبور ، كما لا ظهور في الموت مع قصرها بالموت بالسراية ، إذ لعله مات بسبب آخر ، فتأمل جيدا.
وإن لم تمض مدة كذلك بأن كان الزمان قصيرا ، فظاهر كلامهم أن القول قول الولي ، لما عرفته من الظهور المزبور ، ولكن فيه البحث السابق مع عدم العلم باستناد الموت إلى جنايته على وجه يتحقق صدق أنه