قلت : هو كذلك حتى لو كانت السراية فيه نادرة ، ولكن لعل الوجه فيه ما ذكرناه من كون الجميع عمدا لما عرفته من الصدق العرفي من غير اعتبار قصد القتل ولا كون الشيء مما يقتل مثله غالبا ، إذ ذلك عمد إلى القتل لا قتله عامدا ، والعنوان في الأدلة الثاني الذي تشهد له النصوص السابقة لا الأول الذي وإن شهدت له النصوص الأخر في الجملة إلا أنه لا جابر لها ، لكن خرج عن ذلك صورة عدم تعقب المرض ، للنصوص المزبورة ، وبقيت هي تحت الضابط ولو لعدم انجبار تلك النصوص بالنسبة إلى هذه الصورة المؤيدة بنصوص سراية الجرح الغير القاتل مثله والاتفاق ظاهرا هنا ، لا ما سمعته من كونه مع السراية مما يقتل غالبا ولا فحوى سراية الجرح ، إذ هما معا كما ترى ، والله العالم.
( ومثله لو حبسه ومنعه الطعام والشراب فان كان مدة لا يحتمل مثله البقاء فيها ) صحة ومرضا وشبعا وجوعا وريا وعطشا ( فمات فهو عمد ) بلا خلاف ولا إشكال ، وإن لم يكن كذلك ، بل كان مدة يحتمل مثله البقاء فيها ولكن أعقبه ذلك مرضا علم أنه مسبب عنه مات به أو ضعف قوة كذلك حتى تلف فيه فهو عمد وإن لم يرد القتل ، لما عرفته وإن لم يكن تولد ذلك غالبا منه ، ويختلف ذلك باختلاف الناس قوة وحالا وزمانا.
نعم في ثبوت القصاص مع جهل الجاني بالحال في القواعد إشكال ، ولعله من تحقق القتل مما يقتل مثله عادة وتعمده ، ومن الجهل بأنه ممن يقتله. وفيه أن مقتضى ما ذكرناه القصاص ، ضرورة صدق العمد إلى فعل يترتب عليه الموت.
بل فيها أيضا « فإن نفيناه ففي إيجاب كل الدية أو نصفها إحالة للهلاك على الجوعين إشكال » ونحوه في جريان الإشكالين ضرب المريض