ولكن المعروف في الفتوى السماع الذي مبناه ما عرفت ، وهو مشترك بين المقامين.
ولو ادعى القتل فصالح على مال ثم قال بعد ذلك : ظلمته بأخذ المال مفسرا له بأن الدعوى كانت كاذبة استرد المال منه أخذا بإقراره ، وأما لو فسره بأنه حنفي لا يرى القسامة وقد أخذه منه بها لم يسترد ، لأن النظر في الحكم إلى رأي الحاكم المحق ، وهو يرى الاستحقاق بها لا إلى رأي الخصمين ، فالمال له شرعا وإن كان يزعم خلافه.
ودعوى أن ذلك لا بوافق أصولنا كما عن الأردبيلي بل يوافق أصول أبي حنيفة الذي يرى انقلاب الواقع بحكم الحاكم واضحة الفساد كما حررناه في كتاب القضاء (١) وغيره ، وقلنا : إن ذلك هو معنى قولهم : « إن الفتوى تنقض بالحكم دون العكس » نعم هو كذلك في الموضوع والحكم القطعيين ، فإنه لا يتغير الواقع بحكم الحاكم بخلاف الحكم الاجتهادي والتقليدي.
ولو قال : هذا المال حرام مفسرا له بعدم ملك الباذل له فان عين له مالكا دفعه إليه ، وإلا ففي إفرازه في يده مضمونا عليه أو لا أو أخذ الحاكم منه وحفظه لمالكه وجهان ، وقد تقدم الكلام في نظيره في الإقرار (٢) والغصب (٣) وغيره من الكتب السابقة وعلى كل حال فليس على الباذل شيء من غير بينة.
( و ) كيف كان فلا خلاف كما لا إشكال في أنه ( تثبت الدعوى ) بالقتل ( بالإقرار أو البينة أو القسامة ، ) ( أما الإقرار فيكفي ) فيه ( المرة ) وفاقا للأكثر ، بل عليه عامة المتأخرين عدا نادر ،
__________________
(١) راجع ج ٤٠ ص ٩٤ ـ ١٠٣.
(٢) راجع ج ٣٥ ص ٥٨ ـ ٦٢.
(٣) راجع ج ٣٧ ص ٢٣٠ ـ ٢٣١.