عمدا على مثله فضلا عن قوله تعالى (١) ( النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ) ونحوه مما لا إشكال في شموله لمثل ذلك الذي هو في الحقيقة كما لو وصل إلى البحر فالتقمه الحوت بعد وصوله الذي صرح الفاضل بكونه عمدا وإن استشكل في الأول لوصوله قبله إلى المهلك ، بل لعل التلف بالإلقاء إلى البحر من أفراده ذلك وإن كان الغالب منها الغرق.
نعم لو اختطفه طير ونحوه مما لا مدخلية له في التلف بالإلقاء في البحر أمكن حينئذ عدم القود ، وتعين الدية على إشكال فيه بعد أن كان المقصود الفعل القاتل وإن قتل بغيره مما هو نادر أيضا فضلا عن الغالب ، ولعل الفرق بين المقام وبين المقدود نصفين بعد إلقائه من شاهق كون القاد قابلا للضمان قصاصا أو دية بخلافه في الفرض الذي هو كفصل في البئر ، اللهم إلا أن يدعى عدم الفرق عرفا في نسبة القتل بين الجميع ، وفيه منع.
نعم لو ألقاه في ماء قليل لا يغرق غير قاصد بذلك قتله فأكله سبع لوقوعه فيه أو التقمه حوت أو تمساح كان عليه الدية للتسبيب ، دون القود ، لعدم قصده ما يقتله ، هذا كله في قصد الإلقاء إلى البحر.
( أما لو ألقاه إلى الحوت فالتقمه فعليه القود ) بلا خلاف ولا إشكال ( لأن الحوت ضار بالطبع فهو كالآلة ) التي يصدق معها اسم القتل عمدا ، كما هو واضح.
الصورة ( الثانية : لو أغرى ، به كلبا عقورا ) مثلا مما يقتل غالبا أو قصد القتل به مع ندرته فضلا عن عدم العلم بحاله ( فقتله فالأشبه ) بأصول المذهب وقواعده أن عليه ( القود ، لأنه كالآلة ) التي لا ينسب القتل إليها ، فالقاتل عمدا هو لا هي وإن كان الكلب له شبه اختيار به ينسب القتل ظاهرا إليه ، لكن القاتل حقيقة المغري عرفا دونه.
__________________
(١) سورة المائدة : ٥ ـ الآية ٤٥.