جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) ـ قال : دخلت يوما على عبد الرحمن بن أبي ليلى (١) وهو قاض ، فقلت أردت ـ أصلحك الله ـ أسألك عن مسائل ، وأنا يومئذ حديث السن ، فقال : سل يا بن أخي ، فقلت : أخبرني عنكم ـ معاشر القضاة ـ ترد عليكم القضية في المال والفرج والدم ، فتقضي فيها أنت برأيك ، ثم ترد تلك القضية على قاضي مكة فيقضي فيها بخلاف قضيتك ، وترد على قاضي البصرة ، وقاضي اليمن ، وقاضي المدينة ، فيقضون فيها بخلاف ذلك ، ثم تجتمعون عند خليفتكم الذي استقضاكم ، فتخبرونه باختلاف قضاياكم ، فيصوب رأي كل واحد منكم ، [ وإلهكم واحد ] (٢) ونبيكم واحد ودينكم واحد ، فأمركم الله باختلاف فأطعتموه؟ أم نهاكم عنه فعصيتموه؟ أم كنتم شركاء الله في حكمه ، فلكم أن تقولوا وعليه أن يرضى؟ أم أنزل دينا ناقصا فاستعان بكم في إتمامه؟ أم أنزله تاما فقصر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن أدائه؟ ماذا تقولون؟!.
فقال : من أين أنت يا بني؟ قلت : من أهل البصرة ، قال : من أيها؟ قلت : من عبد القيس ، قال : من أيهم؟ قلت : من بني أذينة ، قال : ما قرابتك من عبد الرحمان بن أذينة؟ قلت : هو جدي ، فرحب بي وقربني ، وقال : يا بن أخي لقد سألت فغلظت ، وانهمكت فتعرضت ، وسأخبرك إن شاء الله.
أما قولك باختلاف القضايا ، فإنه ما (٣) ورد علينا من أمر القضايا مما له في كتاب الله خبر ، أو في سنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أصل ، فليس لنا أن نعدو الكتاب والسنة ، وأما ما ورد علينا مما ليس في كتاب الله ولا في سنة نبيه ( صلى الله عليه وآله ) ، فإنا نأخذ فيه برأينا ،
__________________
(١) في المصدر زيادة : بالكوفة.
(٢) أثبتناه من المصدر.
(٣) في نسخة : إذا.