هؤلاء الذين يدعون أنهم فقهاء وعلماء ، وأنهم قد أوتوا (٤) جميع العلم والفقه في الدين مما تحتاج هذه الأمة إليه ، وصح ذاك لهم عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وعلموه وحفظوه ، وليس كل علم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) علموه ، ولا صار إليهم عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولا عرفوه ، وذلك أن الشئ من الحلال والحرام والاحكام قد يرد عليهم فيسألون عنه ولا يكون عندهم فيه أثر عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فيستحيون أن ينسبهم الناس إلى الجهل ، ويكرهون أن يسألوا فلا يجيبون ، فيطلب الناس العلم من معدنه ، فلذلك استعملوا الرأي والقياس في دين الله ، وتركوا الآثار ، ودانوا الله بالبدع ، وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : كل بدعة ضلالة ، فلو أنهم إذ سئلوا عن شئ من دين الله ، فلم يكن عندهم منه (٥) أثر عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ردوه إلى الله والى الرسول والى أولي الأمر منهم ، لعلمه الذين يستنبطونه منهم من آل محمد ( عليهم السلام ) » الخبر.
[ ٢١٣٠٠ ] ٣٦ ـ وعن محمد بن عبيد ، عن حماد ، عن محمد بن مسلم قال : دخل أبو حنيفة على أبي عبد`الله ( عليه السلام ) فقال : اني رأيت ابنك موسى يصلي والناس يمرون بين يديه ـ إلى أن قال ـ فقال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : « القتل عندكم أشد أم الزنى؟ » فقال : بل القتل ، قال ( عليه السلام ) : « فكيف امر الله في القتل بشاهدين وفي الزنى بأربعة؟ كيف يدرك هذا بالقياس؟ يا أبا حنيفة ، ترك الصلاة أشد أم ترك الصيام؟ » فقال : بل ترك الصلاة ، قال : « فكيف تقضي المرأة صيامها ولا تقضي صلاتها؟ كيف يدرك هذا بالقياس؟ ويحك يا أبا حنيفة ، النساء أضعف على المكاسب أم الرجال؟ » قال : بل النساء ، قال : « فكيف جعل الله للمرأة سهما وللرجل
__________________
(٤) في المخطوط اثبتوا ، وما أثبتناه من المصدر.
(٥) في المصدر : فيه.
٣٦ ـ الاختصاص ص ١٨٩.